مغامرة في السفارة الإسرائيلية |
كنت
مغرماً بالمذياع متنقلاً بين موجاته باحثاً عن ذلك التردد الذي يحمل الأثير لإذاعة
صوت مونت كارلو أو الشرق الأوسط أو حتى صوت إسرائيل حيث كنت أقوم بحفظ مواعيد البرامج
المُفضلة لدي على ظهر قلب.
في تلك
الفترة كان لي صديق يدعي محمود شخصية مستفزة متحكمة يتلذذ بالتحكم فينا نتيجة أنه كان
قد قضي بعض الأعوام في ليبيا مع عائلته جعلته يستطيع اقتناء الكثير من أشياء بعيدة
المنال عنا، كنت دائماً في حالة غيظ مستمر منه أو ربما حقد دفين بداخلي تجاهه لأسباب
عديدة ربما نتيجة لأفعاله معنا، أساس صداقتنا له لم تكن حُبّنَا له أو حتى لشخصيته
التافهة أو خصاله التي تتميز بالسيادية والتلذذ برؤية الحرمان في عيوننا أنا وصديقي
الآخر.
كانت
والدته في واقع الأمر سيدة جميلة رقيقة مهندمة الثياب والحديث كريمة جداً معنا لأننا
أول مَرَّة نشاهد تورتة حقيقة خارج محالّ الحلويات كان في منزلها وهذا سبب صدمة كبيرة
لنا حتى خشيت على صديقي أن يغمي عليه من
واقع
تلك الصدمة، فكنا نتحمل تفاهات محمود بالساعات حتى نتذوق ما لذ وطاب من طعام مما تقدمه
والدته لنا، وربما هنالك سبب آخر أكثر واقعية لم تتوقعه والدة محمود من شباب من المفترض
أنهم قمم الأدب والأخلاق الكريمة.
وهو
الذهاب معه لمقر عمل والدته حتى نري الممرضات بجميع أعمارهن بالزي البيض الضيق والتطلع
إلي سيقانهن وخطواتهن في دلال وأنوثة علي حسب الإغراء والأنوثة المنبعثة من بين ثنايا
أجسادهن ومحاولاتنا البائسة في مغازلاتهن والتحدث معهن أو معرفة أرقام هواتفهن الأرضية
في ذلك الوقت من وراء ظهر والدة محمود.
بعد
نهاية البث الإذاعي لصوت مونت كارلو كانت هنالك برامج تبشيرية باللغة العربية تتحدث
عن الدين المسيحي والتعاليم التي يحث عليها حتى أنهم كانوا ينوهون دائماً علي عناوين
يمكن التراسل معهم لإرسال المزيد من الكتب المجانية لم يرغب في ذلك بما فيها عنواناً
لهم داخل مصر من الممكن التراسل معهم وإرسال هذه الكتب أو الكتيبات لك مجاناً
فتفتق
ذهني على خطة جهنمية في تلك اللحظة كمقلب كوميدي أو ساخر في صديقي محمود هذا حتى أشعر
باللذة والمتعة وأنا أتطلع إلي ملامح وجهه المذعورة من خلال إرسال خطاب باسم صديقي
وعنوانه لإبراز رغبتي الشديدة في قراءة كل تلك الكتب اللازمة لقراءة تعاليم الديانة
المسيحية بناء على رغبتي في المعرفة أكثر والتواصل معهم أيضاً في كل الأنشطة الخيرية.
وبالفعل
تم إرسال طرد كبير على عنوان صديقي محمود في مظروف يحمل علامات الجمعية التبشيرية فجن
جنون صديقنا عندما قرع ساعي البريد وهو يحمل هذا الطرد ويتطلع إلي محمود بنظرات مريبة
وشك، في تلك اللحظة كنا بالمصادفة معه أثناء استلام الطرد ومعنا صديقنا عصام ورأينا
الدهشة مرسومة على ملامحه وفمه مفتوح على مصراعيه كأنه مصيدة فئران تنتظر فأرا مغفلا
يقع بين براثنها.
اندمجت
في تلك اللحظة وأنا أظهر علامات الإنكار والتهجم لذلك قائلاً:
ــ أنت
خلاص اتعبط عاوز تغير دينك يا ذنديق، كتب موش عارف إيه!!... طيب لو مجلات ثقافية كنا
قولنا ماشي خير وجالنا وما بتصليش وقولنا ماشي لكن عميل وأهبل وكل يوم بتعملها على نفسك وقلنا مراهق وربنا يهديه لكن توصل لدرجاتي!!!... والله أحنا متبرين منك ليوم الدين وحانفضحك
فضيحة البت زغزغة وحانيجي هنا كل يوم بس عشان نزور أمك الغلبانة اليتيمة عشان ناكل الرز باللبن بتاعها الطعم بس وحلال فيك جماعة الجهاد والتكفير عشان تقطعك إرباً إرب في الشارع يا ذنديق
في داخل
نفسي لم أستطع أن أكتم ضحكتي التي تكاد تنفجر من بين شفتي وأنا أتابع انفعالاته لأنه
في تلك لحظة شعر أنه ربما فعل ذلك لكن متى لا يتذكر ذلك، لكنه فجأة تذكر أنه لا يمكن
أن يفعل ذلك وقرر الذهاب إلى مكتب البريد للاستفسار عن ذلك.
ذهبنا
معه إلى مكتب البريد القريب من منزله حيث تقابلنا مع موظف ملتح يشبه هؤلاء الكفار من
أهل قريش في الأفلام القديمة، كان مشحوناً بحالة من الغضب يريد أن يفجرها في وجه هذا
الرجل قائلاً:
ــ أنا
جالي الجواب ده وأنا معرفش أزاي جالي لأني ما بعتش حاجة أصلاً ليهم
تطلع
الموظف في مكتب البريد إلى الطرد ثم تغير وجهه من اللون الأبيض إلى الأخضر ثم إلى الأحمر
والشرر يقدح من عينيه قائلاً:
ــ موش
ده عنوانك؟!!
ــ أيوه
ده عنواني
فتطلع
إليه الموظف وهو يكاد يصفعه علي وجهه من شدة الغضب قائلاً:
ــ أعوذ
باللّه ولاحول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم... يا رب ولع في الكفرة والزناديق دول
اللي خربوا البلد وافسدوا فيها من مغربها إلي مشرقها
فرددنا
أنا وعصام في نفس اللحظة بصوت مُرْتَفِع ينم علي استنكارنا مما فعله صديقنا هذا من
فعل منكر يشيب له الأبدان.
ــ آمين ... لا
حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم لعنك اللّه يا فاسق يا كافر يا مجرم في حق الإسلام .. حد يعمل كده... طيب عندك كتب الشعراوي كلها
حكم ومواعظ... طيب روح ذاكر حاجة تنفعك بدل ما أنت فاشل كده... عامل مثقف وعاوز تعمل
فتنة طائفية كده بكل سهولة
اقتربت
من محمود هامساً في أذنه قائلاً
ــ اخلع
يا معلم شكله من الجماعة المحظورة وهو كده عارف عنوانك واسمك دلوقتي وممكن نلاقي فتوة
طلعت باسمك من عمك أسامة بن لادن ولا من إيران أن قتلك واجب مقدس وأنك زنديق رسمي
احمر
وجهه خوفاً وجزعاً وأطلق ساقيه للريح ولم يظهر طوال اليوم حتى أننا في اليوم التالي
اتصلنا به لنطمئن عليه فأجابتنا والدته بأنه منذ الأمس يختبئ أسفل السرير زاعماً أنه
في حالة ترقب لكي يصطاد فأرا أسفل السرير حتى الطعام يتناوله أسفل السرير ولا تستطيع
إقناعه بالخروج من أسفل السرير فأجبتها بأني في الطريق إليه قائلاً:
ــ بس
ياريت تكونين عاملتي طبق الرز باللبن عشان نفسي فيه وبقالي يومين امي غضبان علينا
ذهبنا
إليه أنا وعصام ونحن نرسم على وجوهنا علامات الخوف والقلق فعندما شاهد وجوهنا من أسفل
السرير وعلامات الشحوب واضحة جلية على ملامحنا.
ــ إيه
في إيه؟!! يا جذمه أنت وهو أنا خايف اطلع من تحت السرير من إمبارح
ــ محمود ...الناس بدأت تتكلم عنك وسمعنا شيخ جامع المحطة بيدعي عليك وقال عنوانك بالتفصيل في الدعاء بعد صلاة
العشاء والناس كلها كانت بتكبر كأنها حاتدبح خروف العيد
فتعجب
محمود من حديثي هذا قائلاً:
ــ هما
أنتم بتصلوا أصلاً!! ... دا أنا من يوم ما عرفتكم عمري ما فكرتم إنكم مسلمين أنا كنت مفكركم هندوس
أجابه
عصام بكل ثقة قائلاً:
ــ لا الموضوع موش كدا خالص ... أحنا خلصنا الدرس وقولنا نريح ونشرب سيجارتين ورا جامع المحطة فسمعناهم والشيخ يدعي
عليك ويلعنك كأنك أبو لهب والناس بتقول آمين
ظل محمود
سجين البيت لمدة أسبوع كامل لا يستطيع أن يقترب من باب الشقة الخارجي حتى أطمئن أن
كل شيء علي ما يرام ولا يوجد أحد يريد أن يقطع عنقه.
استمتعت
كثيراً وأنا أتابع محمود وهو يشعر بالقلق والفزع من حدوث أي شيء حتى ولو جرو صغير رث
قد ركض من جواره فجأة وحركاته الارتيابية في كل من حوله والخوف من السير في الطرقات
بمفرده ظناً منه أنه سوف يطبق عليه الحد وتقطع رقبته في أي محل جزارة ربما يمر بجواره
حيث يعلق بجوار إخوته من العجول، كنا نغذي بداخله هذا الهلع بأنه الآن أصبح رمز للرّدة
والزندقة بمعناها اَلْمُطْلَق، كنت كلما رأيته أذكره بذلك قائلاً:
ــ واللّه
لو كنت في أيام الرّدة مع حبيبك أبي مسيلمة الكذاب كان ذبحوك زي العجل الأسترالي وخلصنا
من أمثالك يا زنديق... طيب بدل ما أنت عامل مثقف أوي كده روح ذاكر الكتب اللي عليك
بدل ما أنت ساقط في كل مرة وبنزور الشهادة بتاعتك كل شهر ... دا فاضل شويه وحانزورك شهادة الثانوية
العامة
كمْ
أسعدني هذا المقلب في صديقي وشجعني عن ابحث عن مقلب آخر أشد وأقوى وقد سنحت الفرصة
لي مرة أخرى ولم أتردد في ذلك الأمر لحظة واحدة في اغتنام تلك الفرصة الذهبية عندما
تحدثت المذيعة في إذاعة إسرائيل عن عنوان السفارة الإسرائيلية بالقاهرة وهذه كانت فرصة
رائعة بلا شك لأننا كنا من الصعب علينا معرفة عنوانها بالقاهرة،
أرسلت
خطابا آخر باسم صديقي هذا إلى السفارة الإسرائيلية معبراً عن رغبتي الشديدة لمعرفة
المزيد عن السياحة ومعرفة أصدقاء داخل الكيان اليهودي وأنني أرحب بفكرة التطبيع الثقافي
وتبادل الزيارات خاصةً ما بين الشباب المصري والفتيات الإسرائيليات وكتبت عنوان صديقي
هذا لهم ولكن هذه المرة كان الحدث جللا وأكبر وأعظم كثيراً عن الجزء السابق.
دق جرس
الباب عند محمود حيث كان ساعي البريد مَرَّة أخرى وهو يحمل طردا ضخما كبيرا مكتوبا
عليه السفارة الإسرائيلية ونجمة يهودا ولسوء الحظ أن والدته هي التي استقبلت ساعي البريد
ووجهه مُكفهراً يلعن أهل هذا المكان ويرغب في أن يصب غضبه ولعناته على أهل المكان،
بعفوية ممزوجة بالغضب تطلع ساعي البريد إلى والدة محمود قائلاً:
ــ بقولك
إيه يا مدام أنتم ليكم قرايب يهود ولا صهاينة ولا حد شغال مع اليهود؟!!... أعوذ بالله
تعجبت
والدة محمود من هذا السؤال الغريب ونظرات ساعي البريد الممتلئة بالاحتقار والشك والريبة
لها قائلة:
ــ ليه
بتقول كده؟!!
ــ الطرد
ده جاي من السفارة الإسرائيلية لابنك يا مدام... شوفي بقي ابنك بيعمل إيه مع السفارة
أنتم نسيتم اللي حصلنا من اليهود حراما عليكم يا عالم يا ظالمة
دخلت
الأم والغضب يكسو ملامحها بغلالة قاتمة من الغضب والانفعال وأكثر شيئا أحزنني كثيراً
في تلك اللحظة أنها كانت تعد لنا أطباق شهية من الكريم كراميل ولم يكتمل للأسف الشديد
بسبب ما حدث حيث قذفت بالطرد في وجه محمود قائلة:
ــ ابني
أنا يتعامل مع اليهود والصهاينة واسم أبوك الطاهر الشريف العفيف يدخل السفارة بدل ما يدخل الجنة ولا يطلع في قرعة الحج
ــ سفارة
إيه ماما؟!!
تطلع
محمود إلى الطرد وهو لا يكاد يصدق ما يراه حيث ارتسمت علامات البلاهة والغباء علي ملامحه
وهو تارك فمه مفتوحاً علي مصراعيه قائلاً:
ــ يا
خراب بيتك يا محمود أنا روحت في داهية كده رسمي... الموضوع ده فيه إعدام من أول جلسة ... شوفتم الخيبة بطاعة صاحبكم شوفوا مصاحب مين في السفارة الإسرائيلية يا خوفي يكون
عاوز يتجاوز بنت السفير ومفكر نفسه الحب في طابا
ــ واللّه
ما عملت حاجة أنا معرفش غير عنوان ميكي وسمير موش أكتر من كده
في تلك
اللحظة كنت أنا وعصام نكاد نحلق من السعادة الغامرة وصديقنا هذا يكاد أن يتبول داخل
سرواله من الرعب والفزع حيث عنفته بعنف قائلاً:
ــ أخس
عليك قولنا كتب تبشيرية وعدناها وقولنا ربنا هداه جايز كان يحب بت موزة مقطقطة كده
لحست عقله الخربان لكن توصل لحد السفارة وبنت السفير!!!... أنا كان قلبي حساسا أنك
حا تبيع البلد دي في يوم من الأيام... نسيت يا محمود النيل اللي لسه ما شربناش منه
عشان المجاري... نسيت الأستاذ محمد ثروت لما غني عاوزينها تبقي خضرا
فتساءل
عصام ببلاهة أيضاً قائلاً:
ــ هو
كان صحيح كان بيغني للجزائر عشان ماتش الكورة بتاع كاس العالم؟!!
ــ اسكت
يا هطل... نسيت محمود ياسين لما قال دي مصر يا عبلة، كنت عاوز تبيع مصر أم الدنيا عشان الموساد
المليان موزز حلوة وجامدة ومن كل لون وشكل ...، خلاص حاتبيع الشارع بتاعك وتتجسس على عم عبده
البقال؟!!... طبعاً بيبيع التموين وإسرائيل حاتموت وتعرف سر شاي التموين اللي كلة
خشب وفيتامينات
ــ بجد
موضوع الموزز ده؟!! يعني اللي يشتغل معاهم مافيش بوليس آداب ولا فيديوهات إيجار؟!! وكله
ببلاش؟!!
ــ يا
عبيط ما شوفتش أبوك محمود عبد العزيز في رأفت الهجان كان هايس في نص حريم إسرائيل أزاي
وعمك عادل أمام في النص التأني كده أنا سمعت أن المعركة كانت شغالة بينهم بسبب كده
عشان موزة جديدة اشتغلت في الموساد تبع موزز أوكرانيا يا سطي
ــ قصدك
في المسلسل بتاع رمضان؟!!
ــ مسلسل
ولا فوازير أهم كانوا هايصيين
صرخت
والدة محمود وهي تكاد أن يصيبها الجنون من الحوار الدائر بيني وبين عصام قائلة:
ــ كفاية
هبل وروح مكتب البريد وشوفوا حكاية الطرد ده إيه
أجبتها
بعفوية وشعور الجوع يداهمني وأنا أنتظر طبق الكريم كراميل قائلاً:
ــ طيب
ما فيش طبق جيلي ليه وللواد عصام اليتيم ده ... دا أمه وليه مطلقة من أبوه؟!!
في مكتب
البريد وجدنا نفس الموظف الملتحي مرة أخرى أمامنا وقد انعكس ذلك علي وجه محمود حيث
اقترب مني قائلاً:
ــ موش
أنت الزعيم؟!!... اسأله عن موضوع الطرد كده عشان الراجل ده أكيد فاكرني من المرة اللي
فاتت
اقتربت
من مكتب الموظف ومعي الطرد قائلاً:
ــ فاكر
محمود زميلنا اللي استلم قبل كده كتب تبشيرية وأنت كنت عاوز تولع فيه؟!! ... اللي واقف قصادك ده... أهو عمل عمله سودا ثانية والسفارة
الإسرائيلية بعتاله الطرد ده وأمه بتسلم عليك وبتقولك شوف مين اللي عمل العملة السودا
دي
فوجئت
بالموظف يهب واقفاً يكاد ينفجر من الغيظ قائلاً:
ــ أعوذ
باللّه من غضب الله حاتبيع أهلك وناسك حاتبيع تراب بلدك أنت أهلك سيبينيك كده مفكر
نفسك جيمس بوند واللّه التمثيليات بوظت دماغكم
في الواقع
لم أجد صديقاي بجواري وشعرت كمْ هما أوفياء لي وأصدقاء في وقت الشدة وشعرت بأن ضميري
في غاية السعادة وأنا أتلذذ بما أفعله مع محمود
ــ في
إيه يا عم... الراجل غلط مع واحدة يهودية والسفارة كانت عاملة جلسة عرفية وجايبيين
مشايخ عرب عشان الصلح ونراضي أهل البت والوأد يصلح غلطته ويتجوزها في قسم الشرطة
محمود
مرة أخرى أسفل السرير لكن هذه المرة خوفاً من المخابرات وأمن الدولة
اتفقت
مع عصام أن يجعل أخيه الذي يدرس بالقاهرة أن يتصل بمحمود ويخبره بلهجة حازمة كأنه يعمل
كضابط في المخابرات العامة وأن هنالك موعدا له في مقر أمن الدولة وسوف يتم تحديد الموعد
في وقت لاحق
ذهبت
أنا وعصام ونحن نتظاهر بالرعب والفزع حيث أخبرناه أن هنالك أشخاصا بثياب مدنية حضروا
إلينا لكي يستفسروا عن نشاطك السياسي والكثير من المعلومات مثل اسم والدته ومقاس ثيابه
الداخلية وتصرفاته في المدرسة قائلاً:
ــ حاولوا
يهددونني بالعنف والاعتقال وحرماني من السجاير لكن صممت ما تكلمش لكن لما قالولي فيه
مكافأة عشرين جنيها لو قولت كل حاجة بصراحة ما أستحملتش لما شوفت علبة السجاير منورة اقدامي علي الطرابيزة وقولت كل حاجة هما عاوزينها
ولا موش عاوزينها
ــ قولتهم
إيه يا جذمه عليه أكيد واديتني في داهية من عمايلك السودا والله حامنعك من الكريم كراميل بتاع أمي
ــ قولتهم
إنك صايع وطول النهار قاعد تحت مع المصوراتي عشان تعاكس البنات اللي جايه تتصور والبنات
بتتضحك عليك وي بياخدوا فلوسك عشان أنت عبيط
أجاب
عصام وهو يرسم علامات البراءة والنخوة والشهامة قائلاً:
ــ أنا
قولتلهم العكس تماماً أنك بتصلي الفرض بفرضه في جامع المحطة والشيخ بيدعيلك في كل صلاة ومربي ذقنك بس ذقنك بتطلع جوه
بوقك زي عبدالسلام النابلسي
تطلع
محمود إلينا وهو يرتجف من أسفل السرير قائلاً:
ــ علي
فكرة هما كلموني أنا كمان وقولتلهم أنا مشترك في الحزب الوطني ومعايا كارنية الشباب
والرياضة يعني معايا حصانة
ــ بقولك
إيه يا محمود موش أمك بجبلك الأكل تحت السرير ومعاك المجلة الثقافية بطاعتك، خلاص خليك
تحت السرير لمدة أسبوع ولو عاوزينك حايجولك هنا تحت السرير و يا عم لما يجوا خلي أمك
تعملهم رز باللبن وما تنساش الطبق بتاعي ويا عم اللي انكسر يتصلح
أجاب
عصام دون تردد عندما أصبح الحديث عن الطعام قائلاً
ــ وأنا
عاوز طبق جيلي فراولة بالموز يا معلم
ــ بقولك
إيه يا محمود موش أنت يتيم وأمك أرملة؟!!
ــ أيوه
.. بتسأل ليه ياجحش
أمسكت
بكتفه متطلعاً إليه بنظرة عطف وحنان وأبوة قائلاً
ــ ما
تجوزني أمك واللّه أمك موزة جامدة وحاعملك زي ابني وبالمرة اطمن طبق رز باللبن كل يوم.
انتهت
بقلم الكاتب الدكتور
( الكلمات المفتاحية )
إرسال تعليق