قاتل كتبغا قائد التتار في معركة عين جالوت |
قبل الحديث عن المملوك الذي قتل (كتبغا)
قائد المغول في معركة عين جالوت علينا أن نعود في بداية حديثنا عن أصل هذا القائد المغولي
الذي اكتسح العالم الإسلامي وفتح مدن إسلامية عظيمة مثل بغداد وحلب ودمشق حتي مشارف
الدولة المملوكية في مصر حينما استولي علي غزة , في تلك فترة العصيبة من تاريخ الدولة
الإسلامية ادرك الكثير أن نهاية الحضارة الإسلامية قد اوشكت أن تكون علي يد المغول
ولكن حدث مالم يتوقعه التتار آنذاك بقيادة الفارس الجسور ( كتبغا ) .
القائد كتبغا نويان :
قائد تركي مسيحي بارز
من قبيلة (النايمان) التي هي جزء من المغول تبعت مذهب كنيسة المشرق، كان مقرباً لهولاكو
خان وأحد أبرز قادته رغم كبر سنه وقد عاونه على غزو بلاد فارس والمشرق العربي. قاد
أحد أجنحة الجيش الذي غزا بغداد، وساعد في غزو دمشق. عندما اضطر هولاكو للعودة إلى
منغوليا بسبب وفاة شقيقه الخان الأعظم (مونكو خان) أخذ معه معظم الجيش، أبقى (كتبغا)
قائدا على بقية الجيش الموجود بالشام وكان هو المسؤول عن تقدم الجيش المغولي نحو مصر
لملاقاة الجيش المملوكي .
أحداث ما قبل معركة (عين جالوت) :
حاول
(كتبغا) المسيحي التحالف مع مملكة بيت المقدس الصليبية ولكن بابا الفاتيكان منع وحرم
التحالف مع المغول ثم أتت حادثة قتل ابن أخي (كتبغا) بواسطة الفرسان الصليبين بصيدا
فاكتسح صيدا عقابا على ذلك , أما الصليبيون في عكا فقد اتجه قطز إلى مهادنتهم واستأذنهم
بعبور جيشه الأراضي التي يحتلونها وطلب منهم الوقوف على الحياد من الحرب ما بين المماليك
والمغول إلا إن الصليبيين سلموا بأن المسألة هي مسألة وقت ثم يكتسحهم المغول ويدمرونهم
كما دمروا غيرهم فلذلك غضوا الطرف على عبور المماليك أراضيهم ولم يتصدوا لهم, وقد بر
على ما بدى اولئك الصليبيين بوعدهم فلم يغدروا بالمعسكر الإسلامي من الخلف.
في 15 شعبان 658هـ/أغسطس 1260 م خرج قطز
يسبقه بيبرس البندقداري ليكشف أخبار المغول وقد واجهت سرية بيبرس طلائع جنود المغول
في منطقة قرب غزة، كان قائد المغول في غزة هو (بايدر) أخو (كتبغا) الذي أرسل له كتابا
يعلمه فيه بتحرك المسلمين، أخذ بيبرس في مناوشة وقتال المغول حتى انتصر عليهم , اتجه
بعدها قطز إلى غزة ومنها عن طريق الساحل إلى شمال فلسطين, في تلك الأثناء اجتمع (كتبغا)
الذي كان في بعلبك بالبقاع مع وجهاء جيشه، فاستشار الأشرف صاحب حمص والمجير بن الزكي،
فأشاروا عليه بأنه لا قبل له بالمظفر حتى يعود سيده هولاكو خان، ومنهم من أشار إليه
اعتماداً على قوة المغول التي لا تقهر أن ينطلق لقتالهم , اختار (كتبغا) أن يتجه لقتالهم
فجمع جيشه وانطلق باتجاه جيش المسلمين حتى لاقاهم في المكان الذي يعرف باسم عين جالوت.
معركة عين جالوت :
التقى الفريقان في المكان
المعروف باسم عين جالوت في فلسطين في 25 رمضان 658 هـ/3 سبتمبر 1260 م (وقت وصول الجيشين
تماما مختلف فيه) , قامت مقدمة الجيش بقيادة بيبرس بهجوم سريع ثم انسحبت متظاهرة بانهزام
مزيف هدفه سحب خيالة المغول إلى الكمين، في حين كان قطز قد حشد جيشه استعدادا لهجوم
مضاد كاسح، ومعه قوات الخيالة الفرسان الكامنين فوق الوادي وقد انطلت الحيلة على (كتبغا)
فحمل بكل قواه على مقدمة جيش المسلمين واخترقه وبدأت المقدمة في التراجع إلى داخل الكمين،
وفي تلك الأثناء خرج قطز وبقية مشاة وفرسان الجيش وعملوا على تطويق ومحاصرة قوات (كتبغا)،
حيث كانت جيوش المسلمين ينزلون من فوق تلال الجليل، والمغول يصعدون إليهم. ثم هجم
(كتبغا) بعنف شديد إلى درجة أن مقدمة جيش المسلمين ازيحت جانبا، فاستبسل (كتبغا) في
القتال، فاندحر جناح ميسرة عسكر المسلمين وإن ثبت الصدر والميمنة، وعندئذ ألقى السلطان
قطز خوذته عن رأسه إلى الأرض وصرخ بأعلى صوته
«واإسلاماه»،
وحمل بنفسه وبمن معه حتى استطاعوا ان يشقوا طريقهم داخل الجيوش المغولية مما أصابها
بالاضطراب والتفكك.
لم يمض كثيرا من الوقت حتى هزم الجيش المغولي
ونصح بعض القادة (كتبغا) بالفرار فأبى الهوان والذل وقتل بعض أصحابه المعترضين عن قراره
هذا , في نهاية كان انتصار المسلمين انتصاراً كبيراً غير مجري التاريخ .
ولقد انصف المؤرخون المسلمون قائد التتار (كتبغا)
إذ اعترفوا اعترافا صريحا بما كان يتصف به القائد المغولي (كتبغا) من صفات المحاربين
الشجعان، وبما ابداه من ضروب البطولة المنقطعة النظير في كل المعارك التي اشترك فيها
إلى أن وقع أخيرا في مواجهة جيش مصر العظيم فكانت نهايته على أيديهم.
يذكر رشيد الدين أن (كتبغا) عندما شعر بأنه خسر المعركة
صار يضرب يمينا وشمالا غيرة وحمية وكان يكر على أعدائه فحثه جماعة من أتباعه على الهرب
ولكنه لم يستمع إلى نصحهم وقال: "لا مفر من الموت هنا , فالموت مع العزة والشرف
خير من الهرب مع الذل والهوان...". ورغم أن جميع جنوده قد انفضوا من حوله فقد
ظل وحده في ميدان المعركة يكافح ألف رجل إلى أن كبا به جواده في نهاية الأمر , وقد
أسر ابنه حيث كان شاباً حسناً، فأحضر بين يدي المظفر قطز فقال له: أهرب أبوك ؟ قال
(إنه لا يهرب)، فطلبوه فوجدوه بين القتلى، فلما رآه ابنه صرخ وبكى، فلما تحققه المظفر
سجد لله تعالى ثم قال: أنام طيباً. كان هذا سعادة التتار، وبقتله ذهب سعدهم، وهكذا
كان فلم يفلحوا بعده أبداً، وكان قتله يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان.
من قتل (كتبغا) ؟!! :
( الكلمات المفتاحية )
Post a Comment