لا استطيع نسيان عشيقي |
لكن
هنالك نقطة هامة علينا أن ننتبه إليها جيداً نتيجة التغيرات التي حدثت في مجتمعنا وهي
فكرة التضحية وأن لكل شيء مقابل في واقع الأمر, بمعنى أن الزوج الغائب بهدف البحث عن
الرزق لم يفعل ذلك سوى للبحث عن مصدر دخل جيد يجعل من معيشة أسرته في مستوى يتناسب
مع متطلبات هذا العصر وأنه قبل بالأمر لأنه استقر به المقام في الغربة لأنه فعلياً
لم يجد فرصة جيدة في وطنه وبالتالي دفع ثمن ذلك غالياً .
كذلك مشاعر الوحدة بكل صورها وتجلياتها الممجوجة التي تسيطر عليها تجعلها فريسة سهلة إن كانت ضعيفة
النفس , أيضاً تحملها المسؤولية كاملة وهي مبعثرة الذهن في غياب الزوج مما يجعلها في
المواجهة دائماً مع مشاكل يومية تدفعها بكل هذا الارتياع الاحتكاك بأناس من بينهم ذئاب
تلمع أعينهم حينما يدركون وضعها الاجتماعي .
في
رسالة اليوم تروي لي تلك السيدة أنها في العقد الرابع متزوجة ولديها أربعة أبناء وزوجها
يعمل في إحدى الدول العربية منذ فترة طويلة , قليل في زياراته إلي مصر فربما تمضي ثلاثة
أعوام ما بين الزيارة والزيارة التالية مما جعلها تعاني وتئن كثيراً من فقدان العلاقات
الحميمية بينها وبين زوجها , فلا غرو أن تجد الأيام تمضي في رتابة وملل واحتياج يتزايد
بداخلها لا تستطيع البوح به لأحد في حين أنها تفقد ضحكتها الربيعية المفعمة بالعنفوان
والنشوة كلما مضى الوقت عليها وهي بوتقة مظلمة حالكة.
النوم عصياً على جفونها , الليالي تمضي عليها متثاقلة
كئيبة كأنها الدهر في كل ليلة بكل هذا الحزن اللاذع العميق , صارت حياتها العبقة بالحلم
والحزن تشعر بالعجز حيال كونها امرأة تبحث عن الكلمات الدافئة مثل الحلويات الأثيرة بالنسبة لها لتكون جسراً من
الوشائج والعلاقات الحميمية من رجل يتمناها كامرأة , تنشج نشيجاً خافتاً حينما تتذكر
أن زوجها في بلد آخر من أجل المال حتى صار الحديث بينهما لا يتخطى السؤال عن أحوال
الأبناء والأموال الضرورية لنفقات المنزل لا أكثر من ذلك .
ذات
يوم على حين غُرة حدث شيء جديد في حياتها قد ألم بها ولم تكن تدرك أنه سوف يغير حياتها
بطريقة جذرية كأنك ألقيت بحجر في بركة ساكنة , الهاتف ورقم جوال غريب قادم من السعودية
وشاب يتحدث ويعتذر بأدب عن خطأ الاتصال بصوت مسكون بلوعة خادشة لفؤادها وأفكارها, هكذا
صارت الأمور مجرد مكالمة حدثت بالخطأ , الشاب أدرك أن هذا الهاتف يخص امرأة بصوت يكتسي
طابعاً حالماً مما أيقظ الشيطان الذي يسكن بداخله .
فريسة جديدة وصيد سهل يفوح منها رائحة عنفوانها المفرط
في الإثارة , مغامرة جديدة مع امرأة تتمنى الخطيئة للخوض في بحور من الانتشاء واللذة
لكن تخشى منها , المكالمات الخاطئة من الشاب تتزايد وتيرتها وهي تتمنع من أجل كبرياء
امرأة استيقظ الشيطان بداخلها أيضاً يتراقص طرباً يهمس في أذنها بأن الفرصة سانحة في
الخفاء لتسبح نحو ضفة المعصية مع شاب يمنحها ما تفتقده من زوجها من مشاعر حميمية .
هكذا
رافقها شيطانها لتسير في درب الخطيئة يزين لها ما تفعله ويبارك لها التواصل مع ذلك
الشاب من حديث يكاد يكون يومي بينهما وتناست أن هنالك زوج في الغربة , الزوج ليس مهم
بل الشاب أهم لأنه يتدفق عليها بمشاعر أخاذة من اللوعة والحب حتى صارت العلاقة بينهما
لمدة ثلاثة سنوات بضمير نائم في سبات عميق , قرر هذا الشاب في العودة إلي مصر في زيارة
خاطفة حيث طلب منها رؤيتها في مكان عام , بالفعل وافقت بدون تردد فالشيطان زين لها
أنها لا تفعل شيء خاطئ فهو مجرد صديق يمنحها ما تفقده من مشاعر ترغب فيها امرأة تعاني
من الحرمان العاطفي .
أدرك
الشاب أن فريسته تمتلك من المفاتن التي تثير لعاب أي ذئب بشري يبحث عن الحرام مع امرأة
لعوبة تملك تقاطيع أنثوية طافحة بالإغراء في رداء الوقار بضحكتها الربيعية المفعمة
بالعنفوان والنشوة, تطلق ضحكات حلوة نبرات ساحرة تتناثر في الأرجاء كوقع رخيم عذب
كخرير ماء سلسبيل ينساب عبر صخور جبلية نقية , يشتم رائحة عنفوانها المفرط وهي تطلع
إليه .
كانت
تلك المقابلة فارقة بالنسبة لها , فهي امرأة محظوظة تملك زوج يرسل لها المال وعشيق
يصرح لها بعشقه ويتمنى منها الزواج وأنه يعاني طوال الوقت من هواجس الغيرة لأنها زوجة
رجل آخر , هكذا صارت الأمور تنجرف سريعاً نحو ما ترغب فيه الأحاديث اليومية حتى صارت
مكالمات مرئية تظهر فيها بكامل زينتها وأنوثتها وتبانها القصير وحامل النهدين لتسير
لعابه أكثر فأكثر , وشمس الحياء يتضاءل ضوئها خجلاً مما يحدث , في حين أوراق التوت
تتساقط الواحدة تلو الأخرى حتى صارت كل ليلة تجمعهما الخطيئة المباركة من شياطينهم
, صارت تنتظر كل ليلة بلهفة وشوق ما يدور بينهما عبر المكالمات المرئية والتي صارت
إدمان لها تتفن في إبداع شيء جديد يجعله يتعلق بها أكثر فأكثر .
لكل
قصة نهاية لكنها كانت تظن أن قصتها مع عشيقها لن تنتهي بل هي أبدية خالدة , ربما لأنها
تظن أنه مفتون بها وربما يعاود الرحيل إلي الوطن ويكون بالقرب منها فيسكن مخدعها وتشعر
بدفء مشاعره وتكون هكذا ربحت كل شيء الزوج الغائب والعشيق في أحضانها , لكن دوماً تأتي
الرياح بما لا تشتهيه السفن , العشيق يرحل بعيداً عن أحضانها ليبحث عن أحضان زوجة له
ليستقر به الحال , العشيق قرر الزواج وإنهاء علاقته بها نهائياً , كانت تظنه أنه مُجرد
مزاح لا أكثر وأنه لا يستطيع الاستغناء عنها وعن أحضانها الدافئة وأنه سيظل هكذا طوال
العمر , لكن الواقع كان مريراً في أول ليلة بعد مغادرة العشيق نهائياً , بكت كثيراً
وأدركت أن برودة الوحدة تزحف علي جسدها الذي يكاد يصرخ مُنادياً علي ذلك العشيق أن
يعود إليها ثانية , لكن كان مجرد صراخ يدوي داخل أغوارها بلا جدوى .
الأيام
صارت كئيبة حزينة تشتاق لسماع صوته وهو يصدح بموسيقي العشق والرومانسية لكن صار كل
ذلك مجرد ذكريات بالية , عادت تفكر من جديد في الزوج ربما لكي يقوم بما كان يفعله هذا
الشاب في مستنقع الخطيئة , تحاول أن تثير غرائزه بالحديث والكلمات المثيرة والفيديوهات
والصور لعله يخوض معها في بحور من الانتشاء واللذة ويقوم بدور هذا العشيق , الزوج انزعج
كثيراً من التغير المفاجئ لزوجته ونهرها كثيراً عما ترسله له وحديثها الذي يكاد يشبه
حديث الغانية في الحانات الرديئة.
شعرت
بالإحباط ومشاعرها التي تكاد تدفعها كل ليلة إلي حافة الجنون مع زوج لم يشعر بما يجول
في خاطر زوجته حيث صارت العلاقة بينهما كأرض أصابها الجفاف والموت وذكريات تحوم في
سمائها تفتقدها كثيراً لعشيقها التي تتمنى عودته مجدداً إلى أحضانها .. تشعر كأنثى
بالحيرة في أمرها , تصرخ بصدي يتردد داخل أغوارها المظلمة تسألني ماذا تفعل لو كنت مكاني ؟!!
المبرر
هنا مشاعرك الأنثوية المفقودة والفعل إيجاد عشيق آخر يقوم بنفس مهام العشيق السابق
, الخطيئة هي الخطيئة ليس لها معنى آخر والمعصية ليس لها حل سوى التوبة وطلب المغفرة
وخلق قناعة حقيقية أنك ترغبين في الحفاظ علي أطفالك وزوجك والبعد كل البُعد عن كل تلك
الوساوس الشيطانية التي تسيطر علي تفكيرك , الحل بسيط لكن الأهم هي الرغبة الصادقة
في إصلاح الأمور .
سيدنا
عمر بن الخطاب دخل على حفصة رضى الله عنها فقال : إني سائلك عن أمر فأفرجيه عنى ، ثم
همس : في كم تشتاق المرأة إلى زوجها ؟ , فأشارت بيدها ثلاثة أشهر ، وإلا فأربعة أشهر
, وهذا حق المرأة المتزوجة ألا يغيب عنها زوجها كل تلك الفترة الزمنية التي تصل إلي
ثلاث سنوات لذلك عليك الحديث مع زوجك بكل صراحة بأن لك حقوق شرعية عليه إدراكها وتدبير
الحل الأمثل حتى يقوم بواجباته وليس عيب أن تتحدثي بكل صراحة أن المرأة دائماً تحتاج
مشاعر الحب والألفة من زوجها وهذا ليس عيب , المهم التلاقي في نقطة وسطية تعيد بناء
الثقة وتكون الحصن الأول لكي كامرأة متزوجة عليها الحفاظ على شرف هذا الرجل .
( الكلمات المفتاحية )
إرسال تعليق