الصراع بين المراهق ووالديه أسبابه وعلاجه

الصراع بين المراهق ووالديه أسبابه وعلاجه
الصراع بين المراهق ووالديه أسبابه وعلاجه

المراهقة هي تلك المرحلة الرائعة التي يبدأ فيها الإنسان برسم اتجاهاته وخططه المستقبلية، هي مرحلة طبيعية ضمن مراحل التطور النفسي للإنسان، تنتقل فيها الرعاية الكاملة من الأسرة إلى الرعاية الذاتية حيث يتحمل المراهق المسؤولية عن نفسه كإنسان بالغ. 

 تبدأ المراهقة من سن الثانية عشرة إلى الثامنة عشرة، ويختلف طولها حسب البيئة الاجتماعية وطبيعة المراهق النفسية والجسمانية. من الضروري أن يستعد الآباء لهذه المرحلة العمرية الهامة بالبحث والقراءة، ليكونوا على دراية بالتغييرات النفسية التي سيمر خلالها المراهق وكيفية التعامل معها بحكمة ومهارة.

تكون الصراعات التي يعاني منها الوالدان مع ابنهما المراهق على الأغلب بسبب غياب الفهم الحقيقي للتغييرات النفسية التي يمر بها، عندما لا يحظى المراهق بالتفهم من قبل أسرته، سيختار إما الانسحاب والانطواء على نفسه ما يؤدي إلى تفاقم الحالة النفسية، وقد يصل إلى مرحلة الاكتئاب أو سيختار التمرد والعنف، وغالباً في هذه الحالة، سيتخذ رفقاء سوء، فكلما كان الوالدان على دراية كافيه بطريقة التعامل مع المراهق بحكمة مرت المرحلة بسلاسة.

غالباً ما تكون طاقة المراهق الانفعالية عالية ومبالغاً فيها بحيث لا يستطيع التحكم بها، فمرة تراه يضحك بصوت مرتفع ومرة يشعر برغبة كبيرة بالبكاء. مزاجه يكون متقلباً من دون أسباب واضحة، قلق وتوتر مع شعور بالذنب وتأنيب الضمير وشعور كبير بالرغبة بالاستغلالية، كلها أمور طبيعية ناجمة من التغييرات التي يمر بها خلال هذه المرحلة.

يُعرّف صراع الأجيال عند علماءِ التربية والاجتماع وعلم النفس؛ أنه الاختلاف في الرؤى بين الجيلين ، جيل الشباب وجيل الكبار، واضطرابُ العَلاقة بين الآباء والأبناء، وتأزُّمها؛ فالأبناء يتَّهِمون الآباء بأنهم لا يَفهَمون، وأنهم متأخِّرون عن إيقاع العصر، ويَصِفونَهم بالمتزمِّتين والمتشددين ، بينما يتَّهِم الآباءُ الأبناءَ بأنهم لا يَحتَرِمون القِيَم، ولا العادات، ولا التقاليد، وهم قليلو الخبرةِ، ولا يَحتَرِمون آراءَ وخبرة الكبار.

يقول منذر حسني 17 عاماً :»أنا أخفي أموراً كثيرة عن أهلي لأنهم لا يفهمونها ولن يتجاوبون معها ، فكل شيء يجب أن يكون من اختيارهم وذوقهم ، سواء طعام أو لباس أو نظام حياة ، فهم لا يفهمونني أبداً ولا يفهمون طبيعة الحياة الجديدة التي تختلف عن حياتهم القديمة «. يوضح والد منذر قائلاً :» الجيل الجديد لا يفهم ما نحاول أن نربيهم عليه من عادات وتقاليد ورثناها عن أجدادنا وتربينا عليها ، ويتبعون الحياة الجديدة والحياة الإلكترونية المعاصرة التي لا تجعل منهم سوى أشخاص لا يحترمون رأي الكبار وكل شيء نقوله يعتبرونه خاطئا ولا يأخذ ونه بعين الاعتبار «.

ويرى أخصائي علم الاجتماع الدكتور فيصل الغرايبة أن :» صراع الأجيال ينطوي على تناقض الآراء وتنافر التصرفات بين جيلين ، وهو الأمر الذي ازداد حدة في العصر الحديث سواء في المجتمع الأردني أو العربي أو العالمي ككل ،هذا الصراع الذي ينتج حالة من الاعتراض لدى الصغار من الأبناء والبنات تجاه ما يتصرف به الآباء والأمهات أو ما يطلبونه منهم أو حتى ما يقدمونه لهم من مال أو ألبسة أو أية مقتنيات أخرى خاصة بهؤلاء الأبناء «.

ويضيف :»يعترض الأبناء بذوق جديد مخالف على ما لدى الآباء ،ويتفقون مع توجهات وأذواق أبناء الجيل الجديد المعاصر ، ويبررون ذلك بأنهم يعيشون في عصرهم وأن الآباء والأمهات ما زالوا متحجرين أو متقيدين بأفكار قديمة وتصرفات تقليدية عفى عنها الزمن وولت إلى غير رجعة حسب وجهة نظر الأبناء ، وهم يطالبون في هذه الحالة أن لا يفرض عليهم أي من أنواع الألبسة أو أنماط التصرفات أو تبدي للآراء والأفكار التي يحبذها الآباء والأمهات ، والواقع أن هذا الأمر موجود عبر المجتمعات وعبر الأجيال ولكنه يزداد حدة الآن بحكم اتساع رقعة الاطلاع لدى أبناء الجيل الجديد وانتشار الأنماط الجديدة من التصرفات والمواقف المستجدة حتى ولو كانت خارج مجتمعاتنا وخارج تقاليدنا وأعرافنا وعاداتنا ، حتى أنها لربما تخالف عقيدتنا وديننا وقواعد سلوكنا ولربما تأتي من اصقاع مختلفة بعيدة كل البعد عن بلادنا ومنطقتنا وثقافتنا بطبيعة الحال» .

ولعلاج ظاهرة تناقض الآراء المتأصلة والمزمنة في إطار صراع الأجيال يبين غرايبة :» لا نقوى إلا أن نقترح حلولاً ناجعة واضحة محددة وفعالة لأن هذا الأمر لا يأتي من قبيل المشكلات ولا السلبيات ولا مآزق الحياة ومواقفها السالبة إنما يأتي من طبيعة الأشياء والمستجدات والتطورات التي تحصل في المجتمعات البشرية في مختلف المناطق والأنحاء من هذا المجتمع المعاصر ،ولكننا يمكن أن نقترح وخاصة من خلال وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري المختلفة وخاصة الإلكترونية المتطورة منها والتي أصبحت متاحة لأبناء الجيل الجديد وتستقطب نظرهم واهتمامهم باستمرار، وتلاقي منهم كبير الأثر والتجاوب بأن يرسلوا رسالات قصيرة ولكن عميقة إلى أبناء الجيل الجديد بأن يعملوا على التوفيق بين اتجاهاتهم الشخصية وتقاليد واعراف وعادات مجتمعهم ، وأن يحرصوا على إرضاء الآباء والأمهات ويدركوا بأن كل تصرف من آبائهم ما هو إلى لمصلحتهم ولتحقيق رغباتهم وتلبية احتياجاتهم ولكن بحرص شديد وبعقلية مختلفة نوع ما عن ما يفكرون به ويتذوقون ، وما هي إلا نقطة التقاء بين موقف الكبار وموقف الصغار وبشيء من التنازلات من قبل كل طرف منهما حتى يحل التجاوب والتفاهم والرضى من كلا الطرفين ومن قبل كل طرف اتجاه الآخر» . ووفقاً لما تقوله التربوية المتخصصة في مجال الإرشاد والصحة النفسية نجوى حرز الله فإن :» كثيرا من الأهالي يشكون من سلوكيات أبنائهم يوماً بعد يوم فكل جيل يختلف عن الجيل الذي قبله ،وشكوى الأهل تصب في رفض الأبناء لأسلوب الحياة التي يمارسها الأب والأم من طعام ولباس وألعاب وأماكن الخروج ، حتى رفضهم للبيت الذي يقطنونه ومبرر ذلك هو مجاراة العصر «.

وتبين حرز الله أسباب تمرد الأبناء بأنها:» بداية العولمة التي أصبحت تسيطر على عقول أبنائنا بطريقة سلبية للأسف بحيث يتم عرض الطعام أو اللباس بطريقة مختلفة تماماً عن تقديمه وعرضه عند الأهل لأن التغيير أصبح يحدث بكل سهولة في حياة أبنائنا ، عدا عن حياة الآخرين وسلوكهم الذي أثر على تفكير أبنائنا وأصبح يطبق على شكل سلوك فمثلاً صديقي لديهم بيت مستقل ونحن في شقة قديمة ، أو صديقتي تحمل هاتفا متطورا وأنا لا أحمله ،فهذه المقارنات تؤثر بطريقة واضحة على سلوك أبنائنا ورفضهم لواقع أباءهم «.


وأضافت :» بالإضافة إلى أسلوب الدلال والتهاون في الرفض فمن المفترض على الأهل منذ الطفولة عدم تلبية حاجات الأطفال طالما الحاجة الأساسية تمت تلبيتها ، فبعض الأبناء يرفضون اللباس الذي يفرض من قبل الأهل وفي هذه الحالة على الأهل الأخذ برأي الأبناء حتى يكون اللباس من اختيارهم فلا يرفضونه، وهذا يؤكد على ضرورة الأخذ بالرأي لأن هذا الأمر يخصه هو ،ووحده من يختار ما يناسبه في حياته ولكن على الأهل وضع حدود للاختيار بحيث يقال له (لك حد معين من النقود لتقوم بالشراء ) ويعرف بأنه لن يختار الأشياء ذات القيمة العالية» .

وترى حرز الله أنه:» على الأهل أن يكونوا واقعيين مع أبنائهم بحيث يبرر للأولاد سبب عدم تلبية بعض متطلباتهم لعدم القدرة المادية أو لتعب الأم والأب بالخروج لتلبية المتطلبات ، ويجب أن يكون الأهل نموذجاً أمام أبنائهم بتقبل ما يقدم لهم ومعرفة قيمة الأشياء التي يمتلكونها ، ووضع حدود لتوقعات الأبناء بحيث يتمرد الأبناء على اشياء ذات قيمة عالية وعلى الأهل منذ البداية أن يكونوا حازمين في حدود توقعات ابنائهم التي مجرد التفكير بها تتعب الأهل وعند التطبيق تعتبر مرهقة أكثر وأكثر ، وعلى الأهل أن يكونوا حازمين عند رفض الأبناء للواقع الذي يعيشونه».

تؤكد بعض الدراسات الاجتماعية أن الفجوة العمرية أكثر الفجوات التي تؤثر في العلاقة بين الآباء والابناء، بقدر ما يتسع ويبتعد الزمن الذي عاش فيه الآباء عن زمن الأبناء كلما زادت هذه الفجوة واتسعت، حيث لكل زمان عاداته وتقاليده وأفكاره والتي تختلف كلياً وجزئياً عن أي زمان آخر وبالتالي تضيق مساحة الالتقاء الفكري والثقافي واللغوي. وتشير هذه الدراسات إلى أن الاختلاف الكبير في الأعمار بين الآباء والأبناء يؤدي الى تباعد التقارب في الثقافات والعادات والتقاليد والأفكار، بسبب مدخلات العصر الحديث بين الجيلين ما ساعد على بُروزٍ أكبر لمشكلة الفجوة بينهم.

مثال علي صراع الأجيال

تنتاب سهاد علي حالة من التوتر النفسي والعصبي والقلق بسبب ابنتها ذات الـ19 عاماً؛ إذ تتعمد مضايقتها بسلوكها المتمرد وعدم خضوعها لأي نصائح أو قرارات وحتى توجيهات تصب بمصلحتها، ويصل بها الأمر إلى أن تتجاوز حدودها في كثير من الأحيان بطريقة الكلام، ولا تعرف كيف تتصرف معها.
تقول سهاد إن زوجها شخص عصبي جداً، وهو ما يجعلها تتكتم على تصرفات ابنتها وتخفيها عنه، ما يجعلها تعيش هذه الأزمة وحدها وتتحمل عبء المسؤولية، مبينةً أن ابنتها غير مراعية على الإطلاق لكل هذا الضغط الذي تعيشه وتضرب كلامها في عرض الحائط في كل مرة.
تشعر سهاد أنها مكتوفة اليدين، ولا تعلم الطرق السليمة التي تجعل ابنتها تتعامل بطبيعية بعيدا عن العناد والتمرد الذي يصل لرفع الصوت، ما جعلها تفكر فعلا أن تخبر والدها بكل شيء ليتصرف هو معها.
هي لا تعرف ما الخطأ الذي ارتكبته في تربية ابنتها، بالرغم من أنها أشبه بصديقة لها، لكنها تغيرت مع عمر المراهقة واستمر ذلك حتى دخولها الجامعة، ولا تستمع إلا لصديقاتها، أما الكلمة من الأم أو الأب أو الأخ فهي ثقيلة جدا عليها ولا تأخذها بعين الاعتبار.
في حين يبين إبراهيم عبدالله أن ابنه تغير منذ السنة الأولى من دخوله الجامعة، وبات غير مسيطر عليه على الإطلاق، “فليس لديه استعداد لسماع أي تعليق مني على تصرف يصدر عنه”.
وفي كل مرة يحاول أن يدخل في نقاش مع ابنه يتحول لجدال عقيم وليس فيه أي نوع من المنطق ويتعامل معه بطريقة وكأنهند” له وليس والده، من دون أي مراعاة للاحترام والحدود. ويتساءل إبراهيم عن الخطأ الذي قام به وجعل ابنه ينشأ بهذه الخصال والسلوكيات التي يخجل منها، ولا يعرف كيف يسيطر عليها.

اختصاصيون يعتبرون أن هذه المرحلة من المراهقة يلجأ فيها الأبناء للتمرد والاستقلالية بقراراتهم وأسلوب حياتهم، غير أن النتيجة تعتمد على السلوك التربوي الذي اتبعه الأهل مع الأبناء من الصغر وما غرسوه فيهم من قيم ومبادئ تعد خطا أحمر ولا يمكن تجاوزها.
ويذهب الخبير والمستشار التربوي الدكتور عايش النوايسة، الى أن مرحلة المراهقة الوسطى هي قلب مرحلة المراهقة؛ حيث يواجها المراهق عندما ينتقل من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الجامعية.
ويشير الى أنه في سن المراهقة يحدث تغيير كبير في سلوك المراهقين نحو والديهم؛ إذ يُصبحون مستقلين بشكل أكبر، ويبدؤون في الانفصال عن شخصيات الوالدين، ويُحاول المراهقون التغيير في مظهرهم وشخصياتهم، مما يولد صراعاً داخلياً لديهم يمكن أن يتحول إلى صراع خارجي مع الوالدين.
وتلعب عدة عوامل دورا أساسيا في تغير سلوكيات الأبناء وتمردهم على الآباء، مبيناً أن انشغال الوالدين عن تربية الأبناء نتيجة ظروف الحياة الاقتصادية والتواصل مع أطراف غير أسرية مثل عاملات المنزل وما شابه، يؤدي إلى الجمود العاطفي الذي يولد حالات من العناد لدى الأبناء.
ويشير النوايسة الى أن الطريقة “السلطوية” التي يمارسها الآباء مع الأبناء في الأغلب تؤدي إلى آثار سلبية خاصة في فترة النمو النفسي والانفعالي في مرحلة المراهقة، فتولد لدى الابن توجهات سلبية تجاه الأب تؤدي لاحقا للوصول إلى مرحلة العناد والتمرد، مبيناً أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تمرد الأبناء، محاولة فرض الآباء قناعتهم على الأبناء، ونمط تفكيرهم، وطريقة حياتهم الخاصة التي ليس لها مبرر مشروع، بل لمجرد الاعتياد الاجتماعي، فتكون الصدمة بما يحمله الأبناء من تطلعات واهتمامات، وما يفرضه العصر من أوضاع، وطريقة خاصة للحياة.

لذلك، لابد من توفير بيئة تسمح بنمو انفعالي ونفسي واجتماعي إيجابي، وذلك من خلال علاقة ودية تقوم على الاحترام والمودة الأسرية بين جميع أفراد الأسرة، ولا بد من الابتعاد عن السلطوية في العلاقة بين الآباء والأبناء، وتوفير جو يسمح بالتفاعل بينهم والتقرب من الأبناء ومعرفة حاجاتهم واهتماماتهم.
وفي ذلك، يذهب الاختصاصي النفسي الدكتور موسى مطارنة، الى أن هذه المرحلة من المراهقة المتقدمة لا بد أن تتسم بنوع من الاتزان والنضوج، وتكون قادرة على أن تفسر وتحلل وتتخذ قرارتها، لكن التمرد الذي يحدث أحياناً من هذه الفئة هي حالة لها عمقها ولها علاقة بالتربية.
وينبغي أن يتم طرح عدة تساؤلات، وفق مطارنة، إلى أي حد أعطت الأسرة الحق للابن كي يتجاوز حدوده، وإلى أي مدى خلال التربية زرعت الأسرة المبادئ والأفكار والقيم بحيث لا يتجاوزها الابن ولا يخرج عن حدوده مهما حدث، مبينا أن علاقة الابن بأهله لها خصوصيتها واحترامها الخاص وتجاوز ذلك الحد يدخل في الانحراف السلوكي.
وبالتالي، فإن هذه السلوكيات غير مقبولة على الإطلاق، ولابد أن يرى الأبناء ردة فعل من الأهل على هذه السلوكيات، وأن تكون مشتركة من الأب والأم وليس أن يكون أحدهما في صف الابن ضد الطرف الآخر، كون هذه الطريقة تشجع الابن على أن يجد فرصة للخروج عن الإطار العام.
ويلفت مطارنة الى أنه أحياناً اذا اضطر الأهل لا بد من اللجوء إلى العقاب، عبر وضع حد له حسب الحالة، ووضع نظام رقابة عليه، والتوضيح له بأنه ما يزال هناك حدود ولا يمكن له أن يتجاوزها مهما حدث، وأن هناك علاقة بين الابن وأهله لا يمكنه التطاول عليها.
ويعتبر أن الضوابط والحدود لابد أن تكون موجودة مهما وصل هذا العالم من تطور، حتى لا تصبح الأمور خارجة عن السيطرة، مبينا أن هذا يخلق نوعا من تدمير العلاقة الاجتماعية التي تربط المجتمع كاملا كأسرة وأفراد وما ينتج عنه من إشكالات مستقبلية على الشخصية والعلاقات المستقبلية ويضر بالطابع العام للمجتمع.

العلاقة بين الآباء والأبناء

تُعد العلاقة بين الأبناء وآبائهم من أهم العلاقات البشريّة وأكثرها تأثيراً على شخصيّة الطفل، خصوصاً في مرحلة الطفولة، حيث تتغيّر هذه العلاقة في مرحلة المراهقة، إذ يسعى المراهقون غالباً إلى الاستقلال عن العائلة واتخاذ القرارات الخاصّة دون اللجوء لأحد، ممّا يزيد من المخاطر التي يُمكن التعرُّض لها، وهنا يأتي دور الآباء في مُساعدة أبنائهم في التغلب على التحديات التي يوجهونها، ومساعدتهم كذلك على فهم مدى تأثير اختياراتهم على صحّتهم وأمنهم. ويعود الحفاظ على علاقة جيّدة بين الأب والابن بالنفع على كليهما، فهي تُخفّف من ضغوطات الأب العاطفيّة والجسديّة، وتزيد من احترام الابن لذاته، وتُشعره بالسعادة والرضا عن حياته، كما تُقلّل من نسبة السلوكيّات الخاطئة المُحتملة للأبناء، وتُحافظ على أخلاقهم.

 أنواع العلاقات بين الآباء والأبناء

يُمكن تصنيف أنواع العلاقة بين الآباء والأبناء على النحو الآتي:

العلاقة الآمنة:

وهي أقوى أنواع العلاقات بحيث يشعر الابن أنّه يعتمد على والديه، كما يعلم أنّهم جاهزون دائماً لدعمه عند الحاجة. 

العلاقة التجنّبيّة:

وهي علاقة غير آمنة بحيث يعلم الطفل أنّ اللجوء لوالده لن يجلب له الأمان، ممّا يدفعه لتعلّم كيفية الاعتناء بنفسه.

العلاقة المتناقضة:

وتُعتبر صورةً أخرى من العلاقات غير الآمنة، وفي هذه العلاقة يعلم الطفل أنّه يتم تلبية حاجاته بالشكل الصحيح أحياناً ولا يتم ذلك في أحيان أخرى، لذا يبحث بشكل مُستمر. العلاقة غير المُنظّمة: في هذه العلاقة لا يستطيع الابن التنبؤ بأفعال والديه.

ما هي فجوة الجيل؟ الصراع بين الآباء والأبناء

 

يتعرض كل فرد أثناء المراهقة لفترة تتميز بنوع من النزاع مع الوالدين، ينشأ هذا النزاع كنتيجة لاختلاف طريقة التفكير ووجهات النظر بين الآباء والأبناء بسبب اختلاف البيئة التي نشأ بها كل منهما، يعرف هذا الاختلاف بفجوة الجيل المسببة للصراع بين الآباء والأبناء فالتغيرات الكبيرة التي يشهدها المجتمع في العصر الحالي تنعكس بشكل كبير على الأسرة وعلى علاقة الآباء بالأبناء، وتؤدي لفجوة تعرف بصراع الأجيال، ويمكن تلخيص مفهوم فجوة الجيل على النحو التالي: 

  • يبدأ الأطفال دخول سن المراهقة بين 10 -13 عام من العمر، وبهذه الفترة يقومون بتكوين شخصياتهم المستقلة عن الآباء. وفترة المراهقة من أكثر الفترات التي يتأثر فيها الشخص بالمتجمع والبيئة المحيطة حيث يسعى فيها الإنسان لبناء شخصيته بما يتناسب مع المعايير التي يراها في المجتمع والبيئة المحيطة.
  • بسبب الفارق الكبير في العمر بين الآباء والأبناء غالباً ما تختلف الثقافة والبيئة التي عاش فيها كل منهما ونادراً ما تكون نفس المعايير سائدة لدى كلا الجيلين.
  •  ومع اختلاف هذه المعايير تختلف الثقافة والاهتمامات والقيم والأذواق وأسلوب الحياة لكل جيل.
  •  هذا الاختلاف هو ما يدعى فجوة الجيل، حيث يسعى الوالدين بالكثير من الأحيان لتطبيع ابنائهم بما يناسبهم هم وما يريدونه هم متجاهلين استقلالية الابن التي يسعى للحصول عليها.
  • وغالباً ما يأخذ الخلاف صورة عدم تفاهم بين الآباء والأبناء بسبب اختلاف النظرة للمجتمع لكل منهما.
  • وعدم تفهم الولدين لاستقلال الشخصية التي يسعى لها ابنائهم ينتج عنه صراع كبير يعرف بالصراع بين الآباء والأبناء.

الشهوة الجنسية المفرطة عند النساء

أنواع الصراع بين الآباء والأبناء

فجوة الجيل بين الآباء والأبناء تنعكس بصورة صراع بينهما يمكن أن يصنف لثلاثة أنواع رئيسية هي:

 

الخلافات البسيطة:

عادةً ما يتعلق هذا النوع بالأمور الحياتية اليومية البسيطة كالخلافات حول مواعيد النوم للأبناء الدراسة والخروج أو ما يتعلق منها باللباس أو اتباع الموضة، إضافة لبعض السلوكيات التي قد يراها الوالدين مرفوضة لكن لا يكون لها تأثير كبير على مستقبل الأبناء

يجب على الوالدين تفهم الأبناء بهذه المرحلة وأنهم يعيشون نمط حياة مختلف عن الذي عاشه الوالدين، وقد يبدي بعض الآباء ردود فعل مبالغ فيها أحياناً نتيجة موقف مزعج تعرضوا له أو حالة مزاجية صعبة يمرون بها، لكن يجب تفهم الأبناء في هذه الأمور البسيطة ومراعاتهم قدر المستطاع.

وضع حدود للأبناء:

في هذا النوع يحاول الوالدين وضع خطوط حمراء للأبن لا يجوز له تجاوزها ابداً لما لها من تأثيرات كبيرة يمكن أن تنعكس على حياته، على الوالدين أن يضعا حدود للأشياء التي تكون فعلاً مهمة في حياة الأبن كالأشياء التي تتعلق بدراسته وصحته ودفع الأخطار عنه، لكن في نفس الوقت يجب الحذر من المبالغة في هذه الحدود لأنها ستجبر الأبن على التمرد عليها ولو بشكل خفي، إضافةً لأنها سوف تؤدي لتدمير الرابط العاطفي والثقة بين الوالد والأبن في حال المبالغة في استخدامها.

الصراع الشديد بين الآباء والأبناء:

يعتمد في هذا النوع الوالدين بعلاقتهما مع الأبن على التهديد والوعيد والعقاب الشديد، تكون فيه النتيجة تدمير العلاقة العاطفية بين الأبوين والابن وقد تتسبب في بعض الأحيان بتدمير شخصية الابن وعدم السماح ببنائها من الأصل، حيث يمنع الابن من تجربة اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية والمرور ببعض التجارب الفاشلة والتعلم من هذه التجارب، مصادرة رغبات وقرارات الابن بهذه الطريقة تنعكس في الكثير من الجوانب السلبية عليه وخاصة محاولة اللجوء إلى للخارج للبحث عن شخصيته فيها وتجربة الحياة بعيداً عن التسلط الأبوي  الشديد من قبل الوالدين.

أسباب الصراع بين الآباء والأبناء وفجوة الجيل

فجوة الجيل هي نتيجة حتمية للتطور الاجتماعي البشري والتغيرات التي تطرأ على نمط الحياة مع تقدم الزمن، لذلك لا يمكن لوم الآباء أو الأبناء على حدوثها، مع ذلك يبقى الأبوين هم من يمتلك كفة العقل الراجحة وعليهم أن يتجنبوا القيام بما يزيد من هذه الفجوة، ومن الأسباب التي تزيد الفجوة بين الآباء والأبناء:

عدم تفهّم الوالدين للابن:

 ينشأ الوالدين في ظروف اجتماعية تختلف تماماً عن الظروف التي نشأ فيها الابن، في الغالب يكون الفاصل الزمني بين نشأة الوالدين والأبناء يصل إلى ربع قرن أو أكثر، وهذه فترة كافية لحدوث تغيرات في الكثير من المفاهيم التي نشأ عليها الوالدين، فما كان ممنوع في السابق هو أمر طبيعي الآن، وما كان الخيار الأفضل في السابق قد يكون غير صحيح الآن، وبالتالي ينشأ الخلاف حيث يريد الوالدين أن يتصرف ابنهما بما يعتقدان أنه صحيح، بينما يريد الابن أن يقوم بما هو يريد، وهذا من أكثر ما يزيد الفجوة بينهما.

 عدم التسامح وعدم تفهّم أخطاء الأبناء:

 كثيراً ما يغيب عن الوالدين التفاصيل والمواقف المحرجة والأخطاء التي قاما بها أثناء نشأتهما، ويريدان بالمقابل أن ينشأ ابنهما بدون ارتكاب أي أخطاء، يجب عدم التعامل مع أخطاء الأبناء على أنها ذنوب لا تغتفر، حيث أن ذلك سوف يزيد من الفجوة بين الأبوين وابنهما، وسوف يجعله يتمسك أكثر برأيه بدلاً من أن يتعلم من هذا الخطأ ويحاول تجنبه في المرات القادمة.

إسقاط رغبات الوالدين على الأبناء: 

يقول جبران خليل جبران (أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة) وهذا واحد من أكبر الأِشياء التي على الوالدين تفهمها، حيث يسعى معظم الآباء لصنع شخصيات محددة يرغبون بها لأبنائهم، ويغيب عن بالهم ما يرونه ويحبونه ليس بالضرورة أن يرغب فيه ابنائهم، لذلك يجب عدم إجبار الأبناء على تقمص شخيصات لا يريدونها وتفهم رغباتهم التي يريدونها هم.

المقارنة بين الآباء والأبناء:

 من أكثر الأخطاء التي يرتكبها الوالدين عند تربية أبنائهم هي مقارنة ابنائهم مع أنفسهم أو مع الآخرين، فمن منا لم يسمع مقارنة والدته له مع ابن خالته المتفوق، تعتبر المقارنة واحدة من أكثر مسببات الحواجز بين الطفل والولدين حيث أن الأبن يبدأ بخلق عالم خاص به يستطيع تفهم رغباته وأفعاله بعيداً عن العالم الذي يقارن به مع الآخرين واعتباره بأنه شخص فاشل أو غير جيد، الأمر الذي يؤدي لزيادة فجوة الجيل بين الوالدين والأبناء في النهاية.

عدم التفاعل الكافي مع الأبناء: 

من أكثر الأخطاء أثناء تربية الأبناء عدم التفاعل الكافي معهم خلال اليوم وخاصةً في ظل ضغوطات العمل المرهقة وحاجات العصر الكبيرة التي تأخذ الوقت الأكبر من الآباء خلال اليوم، ما قد يتسبب بعدم الاطلاع جيداً على الظروف التي ينشأ بها الأبناء وغياب التوعية الهامة لهم، وفي بعض الأحيان المفاجأة بطريقة تفكير الأبناء التي استقوها من محيطهم والبيئة التي يعيشون بها.

آثار الصراع بين الآباء والابناء

يعتمد تأثير فجوة الجيل على مقدار هذه الفجوة الموجودة بين الآباء والأبناء، ففي المجتمعات والثقافات البسيطة غالباً ما تكون الفجوة بين الآباء والأبناء أقل منها في المجتمعات المتطورة وسريعة النمو، ويمكن لفجوة الجيل أن تتسبب بعلاقة سيئة بين الآباء والأبناء في حال عدم أخذ الخطوات المناسبة لتفادي زيادة هذه الفجوة ومحاولة إجبار الأولاد على نظام حياة لا يتلاءم مع ما يريدون، حيث تنعكس سلبيات هذه الفجوة على الأبن بما يلي:

 

تؤدي فجوة الجيل الكبيرة لانعدام الثقة بين الولدين والأبناء وبالتالي خلق مسافة كبيرة بينهم.

سيحاول الأبناء خلق عالمهم الخاص بعيداً عن الوالدين وهذا قد يعرضهم للكثير من المخاطر المحتملة في ظل غياب توجيه يساعدهم على اختيار القرارات الصحيحة.

يمكن أن يلجأ الأبناء إلى أشخاص أكثر تفهماً لهم حتى وإن كانوا من خارج العائلة وهذا قد يعرضهم للمخاطر.

محاولة إخضاع الأبناء سوف تتسبب بحدوث توتر داخل الاسرة بالكامل وبالتالي حدوث القلق والاكتئاب لدى جميع أفراد الأسرى.

يمكن في حالات الضغط الشديدة أن يلجأ الأبناء لسلوكيات خاطئة مثل التدخين وتناول الكحول أو المخدرات في بعض الأحيان لتخفيف شعور الضغط الذي يشعرون به.

فرض الآراء الدائم على الأبناء وحرمانهم من اتخاذ القرار سوف يعرضهم للفشل بالحياة بشكل أكبر.

في بعض الأحيان قد يخلق نوع من المشاعر السلبية تجاه الوالدين لأنهم كانوا عائق في وجه أحلام الأولاد وقد يشعر الابن انهم سبب فشله في الحياة ما يتسبب بانهيار العلاقة بينهما.

لغات التفاهم بين المراهق ووالديه

هناك خمس لغات يفهمها المراهقون، وعلى الوالدين إتقانها للتعامل مع هذه التغييرات، وهي حسب كتاب "دماغ المراهقين" للكاتبة الأمريكية فرانسيس جنسين، تكون كالآتي:

لغة المشاعر لا لغة المنطق

ويجب استخدامها من (12-14سنة)، وهي لغة مفرداتها الحب والامتنان وليس السبب والنتيجة، فبدلاً أن أقول: "يجب أن تدرس لتتفوق" أقول "أنا فخورة بك لأنك مهتم بمذاكرتك".

لغة الاعتراف بالقوة

ويجب التعامل بها من (14-15 سنة)، فهي تعزز ثقة المراهق بنفسة، مثلاً عندما تطلب منه الأم حمل بعض الحاجات، عليها أن تثني على قدرته ومهارته.

لغة المسؤولية

يمكن التعامل بها من (15-16 سنة) من خلالها يمكن تكليف المراهق ببعض المهام مع منحه حرية التصرف من دون تزويده بكل التفاصيل.

لغة الاعتماد عليه

ويمكن التعامل بها من (16-17 سنة)، وفي هذه المرحلة توكل إليه المهام بصورة كلية من دون تدخل الأبوين، لتسريع عملية النضج فينتقل من مرحلة الاعتماد التام إلى الاستقلالية، والتي تكون ثمارها التعاون الخلاق حسب ما ذكر ستيفن كوفي في كتابة "العادات السبعة للأسر الأكثر فعالية".

لغة المشاركة

يمكن التعامل بها من (17-19 سنة)، وتقوم على مشاركة المراهق الذي دخل طور الشباب اهتماماته وهواياته، فمن خلالها يمكن للأبوين الخوض في حوار رائع معه يتمكن من خلاله التعبير عن مشاعره بأريحية.

الاحتياجات الانسانية المطلوبة لدي المراهقين

هرم "ماسلو" هي نظرية نفسية قدّمها العالم أبراهام ماسلو في ورقته البحثيّة "نظريّة الدافع البشري"، ثُمّ وسّع ماسلو فِكرَته لتشمل مُلاحظاته حول الفضول البشري الفطري. وتدرس هذه النظرية تطوّر ونمو الإنسان خلال المراحل المختلفة من حياتِه. وتناقش ترتيب حاجاته ووصف الدوافع التي تُحرّكه؛ وهي مكونة من 5 احتياجات، تساعد الأبوين على تلبية تتبع المراهق وفهمه.

  • الفسيولوجية: وتعني سد حاجاته الأساسية من المأكل والمشرب.
  •  الأمان: التعامل بلطف مع المراهق وتجنب العنف اللفظي والجسدي.
  •  الاجتماعية: الحرص على احتضان المراهق خلال اليوم أكثر من مرة لغمره بأحاسيس الحب والأمان، مع التعبير عن الحب والامتنان بالكلمات.
  •  التقدير: وتقوم على تعزيز ثقته بنفسه وإطراب سمعه بكلمات المدح والثناء أمام أفراد العائلة والتفاخر بإنجازاته.
  •  تحقيق الذات: أي العمل على دعم وتنمية مواهبه وتعزيز نقاط قوته التي يمتاز

حقوق الأبناء على الآباء

اختيار الأم الصالحة

يعتبر اختيار الأم الصالحة الحق الأوّل للأبناء، علماً أنّ الأم الصالحة هي ذات الخلق الطيّب، والأصل القويم، وهي التي تحسن إلى زوجها، وتحفظه في غيابه، وتعينه على طاعة الله، وعلى أمور دينه ودنياه، إضافة إلى أنّها الأساس لتربية الأبناء تربيةً صحيحةً ووفق شرع الله، ولتعليهم الصدق والعفة والأمانة والعزة، ولا بد من الإشارة إلى أنّه يجب على الزوج أن يختار زوجته لدينها، وحسبها، وجمالها، ومالها، مع التركيز بشكل أساسي على الدين.

 اختيار الاسم الحسن

يحق للأبناء أن يختار لهم الآباء اسماً جميلاً وحسناً ينادون ويعرفون به؛ لأنّ الاسم يعتبر ملاصقاً لصحابه ولا فكاك له عنه، علماً أنّ الناس يوم القيامة ينادون بأسمائهم التي كانوا مسمون بها في الدنيا، ولا بد من الإشارة إلى أنّ الأسماء القبيحة تقلل شعور الأبناء بالثقة بالنفس، مما يؤثر في تفاعلهم واندماجهم مع البيئة المحيطة بهم.

 التربية الإيمانية

يجب على الآباء أن يربوا أبنائهم تربيةً إيمانيةً صالحةً وقائمةً على الآداب الرفيعة، والأخلاق الحميدة، علماً أنّ هذا الأدب يشمل العلاقة مع الله، ومع رسوله، ودينه، ومجتمعه المحيط به، كما تشمل طريقة التصرف أثناء الأكل، والشرب، والنوم، واللباس، وغيرها من الآداب العام، إضافةً إلى أنّه يجب تربيتهم على تجنّب الإساءة للآخرين، مع ضرورة الابتعاد عن الرذائل، والأخلاق السيئة كقلة المروءة، والبخل، والجبن.

النفقة

 يحق للأبناء أن ينفق عليهم آباؤهم كما لا يجوز للآباء التقصير عليهم إن كان بمقدورهم أن يوفروا احتياجاتهم، ويجب ألا تقف هذه الصدقة عند عمرٍ معيّن، إنما تجب عليهم النفقة وإن كانوا كباراً وغير مقتدرين على توفير ما يحتاجونه، إما لفقرٍ أو مرضٍ، أو غير ذلك، كما يجب على الآباء أن يزوجوا أبنائهم، وألا يجبروهم على من لا يريدونه، مع نصحهم وتوجيههم إلى الطريق الصحيح لاختيار الزوجة الصالحة، والمعينة لهم على نوائب الدهر.

الاهتمام بالتعليم

يجب على الآباء أن يلقوا بالهم إلى أبنائهم، وتوجيههم إلى العلم، وإحضارهم إلى مجالسه وهم صغار، وتعظيم أمر العلم في نفوسهم، إضافةً إلى وجوب النفقة الكاملة عليهم خلال مرحلتهم التعليمية، وتوفير جميع احتياجاتهم المادية والمعنوية، كما يجب نصحهم لاختيار الأصدقاء الجيدين، والابتعاد عن أصدقاء السوء.

الإعانة على الخير

يجب على الآباء أن يعينوا أبنائهم على الخير، وأن يحسنوا إليهم، وأن يوقّروهم، وألا يطلبوا منهم فعل ما يغضب الله، وألا يحرضوهم على قطع الرحم، أو الإساءة إلى الأخرين، وغيرها من الصفات غير الحميدة.

المساواة بين الأبناء

 يجب على الآباء ألا يفرّقوا بين أبنائهم، وأن يرعوهم، وأن يعدلوا بينهم، كون التفريق بينهم يؤدي إلى كره الأخوة لبعضهم، وإحداث عداوة بينهم، كما لا يجب تفضيل الذكور على الإناث أو العكس والميل إلى أحد الجنسين من الأبناء على الآخر.

الدعاء للأبناء

 يجب على الآباء ألا يسيؤوا إلى أبنائهم، وأن يدعوا لهم بالصلاح، والتوفيق، وعدم الغضب عليهم إن أساؤوا في معاملتهم، علماً أنّ تقصير الآباء تجاه أبنائهم لا يبرر لهم أن يعقوهم، وأن يقصروا في حقوقهم عليهم.

كيف تطرد الطاقة السلبية من الجسد والمنزل

نصائح لتجنب الصراع بين الآباء والأبناء

تجاوز فجوة الجيل ليست بالأمر الصعب، وقوة العلاقة بين الأوبين والأبن تساعد كثيراً في تقليل هذه الفجوة بينهما، وفي حال وجودها فهذه بعض النصائح التي يمكن أن تقلل من فجوة الجيل بدرجة كبيرة وتعالج مشكلة الصراع بين الأوبين والأبناء:

الإنصات والاستماع للأبناء: 

إتاحة الفرصة للأبناء للتعبير عن أنفسهم والاستماع لهم دون مقاطعة والاطلاع على أفكارهم ومخاوفهم وطموحاتهم، كل هذا يزيد من شعورهم بأنك تتفهمهم وتشعر بما يشعرون، ما يقوي العلاقة بين الوالدين وأبنائهم ويشجعهم على إخبار الوالدين بكل ما يتعلق بتفاصيل حياتهم اليومية والتقرب منهم بشكل أفضل.

التفهم والاستيعاب: 

وخاصةً إذا كان الأبناء في مرحلة المراهقة، قد تبدو بعد التصرفات التي يقمون بها سخيفة بعض الشيء، لكن يجب تذكر أن الجميع تعرض لكثير من التجارب المتشابهة، لذلك يجب التفكير بطريقة تناسب أعمارهم وليست بطريقة الإنسان الناضج لفهم كيف يشعرون وكيف يجب التصرف معهم.

الانفتاح وتقبل التغيرات: 

العالم اليوم مختلف عما كان عليه في السابق عندما كان الوالدين في مرحلة المراهقة، واختلفت معه الاهتمامات وأسلوب الحياة وتطورت فيه ثقافة مختلفة أيضاً، هذه عوامل على الوالدين أن يتفهموها جيداً عندما يرون انجذاب أطفالهم بعيداً عما كان يجذبهم، وانهم يعيشون نمط حيات مختلف عن الذي عاشوه، وخاصةً عندما تكون هذه الاهتمامات قد أصبحت مقبولة للمجتمع بشكل عام بعد أن كانت مرفوضة سابقاً، وتفهم الوالدين لهذه العوامل يقلل كثيراً من فجوة الجيل وقد ينجحون بأن يصيحوا أصدقاء لأبنائهم.

التفاعل مع الأبناء: 

ضغوط الحياة تصبح أصعب على الوالدين يوماً بعد يوم وهذا قد يدفع الوالدين لقلة التواصل مع ابنائهم، لكن مهما بلغت الضغوطات الحياتية اليومية يجب على الوالدين أن يجدوا مساحة ووقت يقومون فيه بالتفاعل والتواصل مع الأبناء بشكل جيد والتعرف على احداثهم اليومية، هذا يؤدي لمفهم منبع الأفكار الجديدة التي يتعلمها الأبناء كل يوم وكيف يتعلموها وإمكانية توجيهم بشكل أفضل دون الضغط عليهم، وهذا بدوره يقلل كثيراً من الفجوة بين الجيلين.

تقديم الدعم والحب بشكل دائم:

 يحتاج الإنسان منذ مرحلة الطفولة وحتى البلوغ للشعور بالحب وأنه يتمتع بأهمية لدى والديه وكينونة خاصة، هذا الشعور يقدم للأبناء الكثير من الدعم والثقة بالنفس ويشجعهم دائماً على اللجوء للوالدين في الظروف الصعبة، ويقابل بالحب من طرفهم أيضاً ويساهم في سيادة التفاهم ويقلل فجوة الجيل بالنتيجة.

الحل الوسط: 

عند حدوث خلاف مع الأبناء، خلاف لا يمكن فيه تقبل ما يريدون والاصرار عليه من قبلهم فيمكن اللجوء لحل وسط بين الأبوين والأبن، وبدلاً من إجبارهم على رأي الوالدين، يمكن اغرائهم بمكافأة ما يحصلون عليها في حال تلبية مطالب الأبوين، مثل تقديم هدية يرغبون بها بشدة مقابل تفوقهم الدراسي.

تبديل الأدوار: 

في بعض الأحيان يمكن اللجوء إلى تبديل الأدوار بين الآباء والأبناء، حيث عندما لا يستطيع الابن تقبل ما يريده الوالد، يمكن البحث عن طريقة تجعل من الأبناء تفهم مخاوف الأبوين وأن الدافع لتصرفات الأبوين هو الحب للأبناء والخوف على مستقبلهم.

خوض الوالدين الصراعات مع أولادهم المراهقين:

يجب على الوالدين معرفة طريقتهم في التعامل مع الخلافات التي تحصل بينهم وبين أولادهم فيما إذا كانت طريقتهم آمنةً، أي أنهما قادران على قيادة النقاش بتروٍّ وهدوءٍ والوصول إلى حلٍّ معقول، أما إذا كانت طريقتهم غير آمنة أي أنها هجومية تؤدّي إلى إيذاء المشاعر فيجب عليهم تغيير هذه الطريقة محاولة منهم لفهم ابنهم والتعامل معه بهدوء ووعي.
الصراع المشترك: تعمل الأطرافُ المتنازعة على خوض الصراعات لتوضيح نقاط الاختلاف المهمّة فيما بينهم، فالصراعُ هو مسألةُ اتفاقٍ مشترك بين الطرفين، فالوالدان والمراهق هما المسؤولون عن أية مشاحناتٍ تحدث فيما بينهما، فخوض الصراع هو مسألة اختيار شخصيّة. ينشأ الصراع بين طرفين ولكنه يحتاج طرفاً واحداً لحله بالتنازل.

قد يخلقُ الصراع تشابهاً! لماذا؟

لأنّ السلوكَ المؤثر في طرفٍ واحد في كثير من الأحيان يسبّب تقليدَ الطرف الآخر، بالتالي عند خوض النزاعات مع الوالدين يقوم المراهق لمقاطعتها ورفع صوته عالياً وتوجيه الاتهامات المختلفة، قد يكون مغرياً للوالدين الرد على ابنهما بنفس الطريقة، ولكن يجب عليهما مقاومة هذا الإغراء ومعرفة كيفية التعامل معه إضافةً إلى تعليمه التحدث بهدوء، الاستماع لأشخاصٍ آخرين من الخارج، إضافة إلى الإصرار على التفاصيل.

الخوض في صراعات مع الوالدين أمرٌ مفيدٌ في بعض الأحيان:

لأن الوالدين هما قدوةٌ بالنسبة لابنهما في كيفية إدارة الخلاف، فخوض الصراعات يعلّم المراهق دروساً وعِبراً، كالتحدث بأدبٍ واحترام وعدم تصرّف أية تصرفات متهوّرة.

 التعاون يخلق الصراع:

لأن التعاون يتطلب اثنين من الأطراف لتبادل شيءٍ مشترك، فمثلاً كتشارك اثنين من الأشقّاء على نفس الكومبيوتر يخلق الكثير من النزاعات فيما بينهم: من سيستخدمه أولاً؟ من المسؤول عنه؟ من يستخدمه وقتاً أطول؟ ما هو العدل؟ من الذي يقرّر؟ ومن منهما على حق؟
لذا؛ على الآباء الحد من هذه الخلافات بالعدل فيما بينهما.

الصراع يخلق جوّاً من المنافسة بين الأشقاء:

فالصراع يجلبُ حماسَ الأشقّاء وتفاعلهم ضد بعضهم، واختبار قوتهم، وخوض النقاشات، وإحداث الاختلافات، وإثارة المشاعر. طالما يجري هذا الصراع تحت مراقبة الوالدين حيث لا يوجد ضررٌ جسديٌّ أو لفظيٌّ أو عاطفي، وأن الأشقاء منسجمين مع بعضهم، حيث يجب على الوالدين تعليمهم الوقوف إلى جانب بعضهم البعض حتى في حالة النزاع.

الصراع يمكن أن يُغيّر طريقة التعامل:

أوضح مثالٍ على ذلك هو طريقة الحوار واللهجة عندما تميل إلى ارتفاع حدّة التوتر، فمثلاً عند نفاذ الصبر يحيد الوالدان أو ابنهما المراهق عن إيضاح هدفه أو موضوعه مثل: (أنت لم تفعل ما وعدتني به) فيصبح هجومياً أو اتهامياً أو متطرفاً مثل قوله: (أنت غير جدير بالثقة تماماً)، وبالتالي يعود الأمر للوالدين للتحكّم بأسلوب الحوار حتى لايصبح حواراً تحريضياً مثيراً للاستفزاز.
لذلك عندما يحتدّ النقاش ما بين الوالدين والمراهق يجب إيقاف ذلك فوراً وخوض نقاشٍ هادئ بأسلوب بنّاءٍ يستغرق وقتاً كافياً لإيصال المغزى لهم.

الصراع يمكن أن يؤدّي للعنف:

عند خوض النزاع مع الطرف الأخر، قد يشعر المراهق بالإحباط، هذا الاحباط يؤدّي إلى الغضب، والغضب بدوره يؤدّي إلى الإيذاء اللفظيّ أو الجسدي. لذا، يجب على كلّ شخصٍ تحمّل مسؤولية نفسه ومراقبة تصرفاته للتحكّم بهذا الشعور، فأحد الوالدين أو المراهق قد يشعر بخطرٍ عاطفي (خسارته) لذلك يحتاجون إلى هدنةٍ ليهدأ لديهم هذا الشعور.

يجب أن تسود السلامة بين أفراد الأسرة بكلِّ بساطة:

فالصراع ليس بعذرٍ لإيذاء أحدٍ من أفراد الأسرة ولنتذكر أن نشوب الخلافات بين الأسرة أمرٌ طبيعي، وخوض الصراعات أمرٌ متوقّعٌ ولكن العنف أمرٌ مرفوضٌ.

التسامح يختلف باختلاف شخصية الأب والأم:

فالأم غالباً ما تكون أكثرُ تسامحاً مع ابنها المراهق مقارنةً بالأب، ففي بعض الأحيان يلجأ الآباء إلى عدم التسامح بسرعةٍ مع أبنائهم المراهقين بُغية تقديم آرائهم إضافةً إلى اعتقادهم بأن ابنهم المراهق يحتاج إلى سماع ما يريدون قوله من حِكمً ومواعظ أكثر.

كيف نظم الإسلام علاقة الآباء بالأبناء

نظَّم الإسلامُ العلاقةَ بين الآباء والأبناء، ابتداءً من اختيار الوالدين لبعضهم حتّى يكوّنوا أسرةً قادرةً على تنشةِ أبنائها تنشئةً سليمة، فقد أمر اللهُ -سبحانه وتعالى- الزَّوجَ المسلمَ باختيارِ زوجة صالحة تقية تحَفظُ نفسَها وزوْجها وبيتَها وأبناءَها، وكذلك الزَّوجة عليها اختيارُ زوجٍ يحفظها، ويكون عوناً لها على طاعةِ الله وتربيةِ أبنائهما التربيةَ السليمة، كما وقد ضَمِنتْ الشريعةُ الإسلاميَّةُ الحقوقَ الأساسيَّةَ للأبناءِ ومِن هذه الحقوق حقُّ النسب، فحقُّ الابن على والديه أن يُنسب لهما، والطريقُ الأساسيُّ لإثبات النَّسَبِ هو الزّواجُ الصّحيح فمجرد زواج الأبِ من الأم كفيلٌ بإثباتِ نسب الولد لأبيه دون حاجةٍ إلى اللُّجوء إلى طُرُق إثباتِ النَّسَبِ الطِّبِّيَّة وغيرها.

 وقد أوْجَبَ الإسلامُ على الآباء تربيةَ أبنائهم منذ صغرهم على ما أمر الله -عز وجل- به من حقوقٍ وواجبات وأخلاق، وتنشئتهم على محبةِ الله -سبحانه وتعالى- وطاعتِه، والبعد عمّا يُغضبُه، لينشأَ المسلم على خشية الله -سبحانه وتعالى- وعلى الحرص على سعادتِه في الدُّنيا والآخرة، وواجبُ الآباءِ تجاهَ الأبناء رعايتهم الرِّعاية والعناية الشاملة فهم أمانة عند الآباء عليهم تأديتها على أفضل وجه، فالأبناء الصالحين بذورُ آبائهم الصالحين، فبذلك يكون ضمان أن يكون المجتمع صالحاً.

 وكما أكَّد الإسلامُ على أهمية تربيةِ الأبناء، أكَّد أيضاً على أن تكونَ التربية بالعطف والحنان، فعلاقة الآباء بالأبناء علاقة ودٍّ ورحمةٍ وحُب وتآلف، فالآباء يصنعون بيئةَ المودةِ والسَّكينة للأبناء، وقد امتلأت سيرة الرّسول -صلى الله عليه وسلم- بنماذج عطفه ولطفه في التّربية، فورد أن رجُلاً رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يُقبِّل حفيده الحسن فتعجَّب الرَّجل وأخبرَ النبيَّ أنَّ عندَه عشرة أولادٍ لم يُقبِّل أحداً منهم أبداً فنظرَ إليه النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ثم قَالَ:(مَن لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ) فكان -عليه الصّلاةُ والسَّلام- شديدَ الرَّحمة والعطف على الأبناء، ويحثُّ على ذلك، ومن حقوق الأبناء التي نظمها الإسلام أيضًا حق الميراث للأبناء من آبائهم، فقد ورد في القرآن الكريم هذا الحق، وحدّده الله -عز وجل- في سورة النساء، فقد ذكر الله-عز وجل- نصيب الأبناء في كل الحالات من الميراث، فقال تعالى:(لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا).

 رغم المشقة التي تُصاحب تربية الأبناء وطول وقتها إذ تبدأ الأمُّ رعايتها لابنها من اللَّحظة التي يأمر الله-عز وجل- بخلقه في رحمها، فيتغذى من غذائها، وعطفُها عليه يكون قبل خروجه للحياة، ومن ثم حين يُولد تستمر هذه الرعاية الحثيثة به، والأب الذي يُضحي بوقته وماله وأولوياته من أجل رعاية أبنائه وتوفير أفضل سُبل الراحة لهم، رغم هذه المتاعب العظيمة المصطحبة للتربية إلا أن تربية الأبناء الصالحين من أعظم استثمارات الآباء، فحين يصل الأبناء إلى مرحلة النضج والاعتماد على النَّفس يظهر وفاء الأبناء لوالديهم برَدّ بعض هذا العطف والحنان والرِّعاية التي قُدمت لهم في حالة ضعفهم وحاجتهم لآبائهم، وعلى الرَّغم من صعوبةِ الوفاء للوالديْن إلا أنّه من الواجب السَّعي والمحاولة لرَدّ الجميل، فقد أوْصى الله -عز وجل- بذلك في القرآن الكريم فقال تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا) ولا بدَّ من أن يكونَ الآباءُ والأبناءُ مدركين عالمينَ بحقوق بعضهم والواجبات التي عليْهم تأديتها وإلا فلن يُعطي الآباء للأبناء حقوقهم، ولن يردَّ الأبناءُ هذه الحقوق على والديهم.

 كيف نظم الإسلام علاقة الأبناء بالآباء

أوصى الله -عز وجل- ببرِّ الآباء وطاعتِهم واحترامهم، والاهتمامِ بهم وتلبيةِ احتياجاتهم، وأكَّد الشرعُ على أن الأهميّة العظمى لهذه الرّعاية عند وصول الوالدين لسنِّ الكِبَر، فبهذه الحالة تلزمُ رعايتهم وصحبتهم، فمِنَ الإحسان والمروءة وحسن خلق وسلامة الفطرة، رعاية الوالدين في حالة عجزهم وضعفهم، فكيف إن كان هذا أمر من عند الله -عز وجل- وحق يجب تأديته للوالدين.

 وتأديةُ حقوق الوالدين واجبة على كل مسلم ومسلمة ابتغاءً لرضا الله -عز وجل- ورحمته، وتكون تأدية حقوقهم، بطاعة الوالدين، حتى وإن كانا على غير دين الإسلام، إلا في حالة واحدة وهذه الحالة تكون فقط إن أمروا ابنهم بمعصية أو بما يخالف الشرع، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الوصايا متعلقة ببر الوالدين، فقال تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا) فهذه الآية تدلُّ على التّحذير والتّنبيه على عدم التأفف من الوالدين وأوامرهما، خاصّةً عند الكِبَر تحديداً وعدم نهرهما ورفع الصوت فوق صوتهما، وعدم التثاقل من تقديم الخدمة لهما والعناية بهما، وأن يكون التّعامل معهما مبنيّ على الرحمة والعطف والتودُّد لهما، والتذلُّل عندهما وتلبية جميع رغباتهما، وأوصى الله-عز وجل- بالدّعاء لهما بالرَّحمة.

وممَّا يُعين على برِّ الوالدين أن الآباء قدوة لأبنائهم فعندما يكونوا بارِّين بوالديهم، يتعلمون البر والاحسان بالقوْل والعمل، ومن حق الأبناء أن يكون آباؤهم قدوةً صالحةً حسنة لهم، فالآباء هم القدوة بالصِّدق والإحسان والعطاء والرعاية، وبذلك نحافظ على المجتمع المسلم البار بوالديه، وعلى الآباء مراعاة تعليم أبنائهم تعاليم الإسلام وأحكامه، فيتعلم الأبناء من آبائهم الصلاة والصِّيام والقيام، وأركان الإسلام والإيمان، والأحكام التي أمر بها الله -عز وجل- ،فقال تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّـهُ فِي أَوْلَادِكُمْ) ويقتدي بذلك بالرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إذ أوْصى الآباءَ بمتابعة الأبناء بالصَّلاة، فالأمر بها يكون بعمر السَّبع سنوات، والضَّرب عليها بعمر العشر سنوات، وأمر أيضًا بالتفريق بين البنات والبنين بأماكن النَّوْم.

 ورد في السنة النبوية أحاديث تدل على مسؤولية الآباء تجاه الأبناء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ قال : كفَى بالمرءِ إثمًا أن يُضيعَ من يقوتُ)[١٤] وأيضًا قوله -صلى الله عليه وسلم- :(إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استَرعاهُ، حفِظَ أم ضيَّعَ، حتَّى يسألَ الرَّجلَ عن أهلِ بيتِهِ)

أمور يجب مراعاتها في العلاقة بين الأبناء والآباء لتوفير علاقة جيّدة بين الآباء والأبناء

لابد من توفر عدد من الشروط، ومنها ما يأتي:

 توفير الأمان اللازم للطفل وإشعاره بالدفء والحنان. تنظيم العاطفة، حيث تلعب دوراً كبيراً في تطوّر العلاقة الصحيّة بين الآباء وأبنائهم.

التناغم، ويُمثل التفاهم والتفاعُل المُتبادل بين الأبناء والآباء، وهو عامل مُهم في العلاقة بحيث يسبّب أيّ اختلاف، أو تنافر اضطراباً وقلقاً لكُلّ من الأبناء والآباء.

تجنُّب التعامُل بعدوانيّة مع الطفل، حيث إنّ عداء أحد الوالدين أو كلاهما يؤثّر على سلوك الطفل وطريقة تعامله. الحفاظ على علاقة بعيدة عن التوتر والضغوطات التي يواجهها الوالدين في حياتهم اليوميّة.


أعزائي الآباء والأمهات في هذه المرحلة يرى المراهق الطريق وعرةً، وتعرّضه للفشل أمرٌ واردٌ حقاً، لذلك فلنقف إلى جانبهم ولنستوعب قدراتهم وإمكاناتهم فهم في أمسِّ الحاجة إلينا... ولنحافظ على تكوين نظرة تفاؤلية لديهم بمستقبلٍ مشرق، رغم كلِّ شيء...
 

التوتر والعصبية المفرطة أسباب وعلاج

Post a Comment

Previous Post Next Post