لقد ندمت علي فعل ذلك |
كل تلك الأسباب هيئت و سمحت لذلك الورم السرطاني مع تلاشي قيم الاسرة والمجتمع أن ينتشر ويتغلل أكثر فأكثر ويهدم عائلات بأكملها ويدفع البعض في السير في طريق الانحراف بكل أشكاله وبضمير يكاد أن يكون في غيبوبة مما جعلنا نقرأ عن مشاكل غير اعتيادية تطفو علي سطح مجتمعنا المحافظ لم نتوقع في يوم ما أن نواجها مثلما يحدث الآن .
مشاكل ليست أكثر من شذوذ في طبيعة البشر نتيجة تعدد
الأقنعة التي نتعامل بها مع بعضنا البعض في حياتنا اليومية وعبر منصات التواصل الاجتماعي
التي صنعتها لنا التكنولوجيا والشبكة العنكبوتية
لنكون عبيد لنزواتنا القبيحة , قناع نرتديه في الحياة اليومية نتعامل به كأننا آلهة وحراس الشرف وأخلاق الفرسان
النبيلة مع مجتمع يتعامل بالمظاهر والتصرفات لا أكثر .
قناع آخر نرتديه في الظلام داخل جدران عقولنا المريضة
نبحث عن رغبات جامحة قد صارت غير طبيعية تسيطر علي كل جوارحنا , بل صار الهدف الاسمي
لنا هو الامتاع بغض النظر عن مبدأ الحلال والحرام , الجميع يستحل كل شيء من أجل الشهوة
التي جعلته أسوأ من الحيوانات في قلب الغابة المتوحشة , بغض النظر عن قيم كنا نتباهى
بها في حياتنا اليومية مثل الشهامة والشرف وطاعة الوالدين.
مشكلة اليوم واقعية بكل أسف تمثل نمط حياة نسمع عنه
كثيراً بين همسات البعض والجرأة التي تحلي بها البعض من اظهار انحراف سلوكي في معاملة
الوالدين أو البحث عن تفريغ الشحنة الكامنة بداخلنا بغض النظر عن الوسيلة أو الطريقة
, مشكلة اليوم كما روتها لي تلك السيدة حين قالت لي .
أنا سيدة قد توفي
زوجها منذ أكثر من تسعة أعوام تقريباً تاركاً لي خمسة من الأبناء ثلاثة من الفتيان
وفتاتان أكبرهم في العُمر حينما توفي زوجي حوالي ستة عشر عاماً وأصغرهم ستة أعوام
, ولقد ترك لنا زوجي معاش شهري بالإضافة إيجار بعض المحلات في المنزل الذي نقطن به
, كان هذا الدخل كافي لنا ولكن رغبت في العمل والخروج إلي الدنيا لكي أحقق طموحي وكياني
في مجتمع فتح أبوابه لعمل المرأة , التحقت كمعلمة لتدريس المرحلة الثانوية مما منحني
دخل إضافي قمت بادخاره لأمارس هوايتي في السفر والتنزه وقضاء أوقات الصيف والاستمتاع
بحياتي بمفردي .
الأيام تمضي وأنا
استمتع بحياتي الجديدة والمال الذي اجنيه , لكن كان بداخلي مشاعر فقدان زوجي في فراشي
التي كانت تزداد يوماُ عن يوم حتي أنني لم أكن استطيع النوم ليلاً بسبب أفكاري الشيطانية
, كنت اشعر أن فراشي لم يكن سوي أشواك مدببة حادة تخترق جسدي, موجات من القشعريرة تسري
في جسدي, الشعور بالوحدة الشديدة في مخدعي كانت عنوان كل ليلة , , لكن العقبة كانت
في أبنائي حتي صرت ارتاد المواقع المٌخلة كل ليلة حتي اشعر بكامل النشوة ثم يأتي الهدوء
والسكينة لكي أنام في سبات عميق .
للأسف يا سيدي لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل كنت أبحث عن الرجال في مواقع التواصل التي تهتم بتلك الأمور والتي كانت في واقع الأمر أو ربما مجرد غابة اتجول بها كفريسة سهله تبحث عن رجل يتقدم لها كي يفترسها برغبتها هي , أظن أنني كنت ارتدي قناع في المساء يختلف كثيراً عن قناع المعلمة الوقورة التي تعلم أجيال ناشئة الصواب في كل صباح , لم أكن بالشعر بالندم وأنا اقحم نفسي في علاقات مُحرمة لكي أروي ظمأ تلك العاهرة التي تسكن جسدي حتي صارت رحلاتي ما هي إلا رحلات برفقة هؤلاء الرجال نبحث سوياً عن علاقة محرمة حتي صار لي رفيق أصغر مني في العُمر صار لي عشيق في كل رحلاتي التي أقضيها خارج المنزل بمفردي .
في ليلة مشؤمة
اقتحمت ابنتي حجرتي وقد بلغت من العُمر عشرين عاماً تطلب مني بدون أي مقدمات أن اتنازل
عن معاش والدها وإيجار المحلات لكي تقوم هي وأخواتها بالإنفاق علي المنزل بدون تدخل
مني , صعقت من هذا الأمر كثيراً حيث حدقت في عينيها في صمت رهيب وشعرت أن عينيها تبوح
بكل أسراري وخطاياي , في تلك الليلة المشؤمة الجميع يشعر بالاشمئزاز والقرف مني ومن أفعالي المخجلة
التي كنت أظن أن لا أحد يدري عنها شيء , وافقت في صمت والخجل يكسو ملامح وجهي .
لم يتوقف الأمر
عند هذا الحد بل صار جميع أبنائي يتجاهلوني وينظرون إلي نظرة يصعب علي وصفها , حينما
كنت أبغي أن ابدي مشورتي في شيء ما , أفاجا بتهجم ابنتي علي تريد أن تصفعني علي وجهي
وعينيها مليئة بالكره والغضب تجاهي , صرت غريبة منبوذة في المنزل , الجميع لا يرغب
في الحديث معي , كنت أعود من عملي أهرول إلي حجرتي أغلق الباب علي خوفاً من أبنائي
وأتساءل أين مشاعرهم تجاهي وأنا والدتهم في نهاية الأمر , شعرت بالندم كثيراً عما فعلته
في حياتي حينما لهثت وراء شيطاني في طريق الخطيئة بدون أن أهتم بأبنائي وأكون أم صالحة
, ندمت ودعوت الله أن يقبل توبتي ويغفر لي ذنبي وانتظمت في الصلاة وشعرت بطهارة نفسي
وجسدي من جديد ودعوت الله أن يغفر أبنائي لي أيضاً .
للأسف تأزمت الأمور أكثر فأكثر وكنت أخشي علي نفسي من أبنائي فلذات كبدي وجزء من دمي وروحي , الجميع يقوم بسبي والتهجم علي حتي أنهم قاموا بغلق الحمام وجعلوا لكل واحد منهم مفتاح خاص به كتعبير عن عدم رغبتهم في وجودي معهم في المنزل , بكيت كثيراً في تلك الليلة وشعرت أنني وحيدة منبوذة من أبنائي , يعجز لساني في أن اصف مشاعري وأنا أري كل هذا الكُره في أعين أبنائي , ضاقت بي الحياة وشعرت كم أنا ضعيفة مبتذلة في عيون من حولي وأن مشاعر اليأس تزحف علي جسدي هذا تحاول أن تكتم أنفاسي تخنقني بشدة حتي أكاد أن اجزم أني رأيت شبح الموت يزحف بجناحيه لكي يقضي نحبي .
قررت الهروب من
هذا الجحيم وتركت كل شيء خلفي وبحثت عن سكن آخر أحيا فيه وحيدة بدون أبنائي الذين لفظوني
بدون رحمة , كنت أظن أن الزمن كفيل برجوع المياه إلي مجاريها واستيقظ في يوم ما أجدهم
حولي والحب ينبض في أعينهم , لكنها كانت مجرد أوهام أعيش من أجلها , ما زلت وحيدة ولي
في الحياة خمسة أبناء , الخوف ينتابني كثيراً بأن أموت وحيدة بدون أن يشعر بي أحد
, يتعفن جسدي مثل أفعال الخطيئة التي مارستها من قبل , اشتقت إليهم كثيراً حتي لم أعد
اتحمل تلك القسوة , قررت أن أعود إلي المنزل ثانية ربما يشعرون أنني تغيرت إلي الأفضل
وصرت أم يفتخرون بها من جديد .
عندما أسرعت بالعودة إلي المنزل شعرت بانقباض قلبي
وخفقانه الشديد وأن أحاول جاهدة أن أفتح باب المنزل , وجد ابني الأصغر يفتح لي الباب
وعلامات الغضب تكسو ملامحه البريئة وهو يعنفني بشدة عن عودتي حيث لم يسمح لي بالدخول
بل دفعني بشدة طالباً مني نسيان أمر هذا المنزل , هويت علي الأرض وشعرت أن الأرض تدور
بي وظللت ابكي بحرقة شديدة وأنا أجد أبنائي يفعلون هذا بي , شعرت في تلك اللحظة أن
كل شيء يلفظني كأنني وصمة عار علي الجميع حتي باب التوبة لم يفتح لي ولم تُقبل توبتي
, أنا بالفعل نادمة علي كل شيء لكنني اشتاق إلي أحضان أبنائي , أشتاق أن أنسي كل خطاياي
وأصير أم صالحة لهم , لقد عجزت عن التفكير يا سيدي ... ماذا تفعل لو كنت مكاني ؟
!!
سيدتي الكريمة
يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا
فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ , باب التوبة مفتوح
للجميع والله يخبرنا بأن من تاب واستغفر ربه وأصلح شأنه واتبع الصراط المستقيم فالله
يبشره بالتوبة والرحمة حينما قال أنا التواب الرحيم , لذلك لن أكون قاسياُ عليك سيدتي
فكلنا بشر نخطأ ونصيب وهنالك صراع أبدي بين الانسان والشيطان , في جولات كثيرة ينتصر
علينا الشيطان ونضل الطريق وتزداد السيئات حتي تكون مثل الجبال الشاهقة ونظن كل الظن
أننا علي درب الشيطان صرنا إلي جهنم لكن الله رؤوف بنا ورحمته وسعت كل شيء .
ودعينا نتذكر قوله الكريم في كتابه العزيز ﴿ إِلَّا
الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ
فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا
﴾ , الله يا سيدتي بين لنا طريق التوبة , المغفرة تأتي من التوبة وإصلاح شأننا بالبعد
عن كل ما يغضب الله ورسوله وإتباع تعاليم ديننا الحنيف ثم المرتبة الأجمل وهي الإخلاص
في العبادة وإنارة القلب والروح بنور الإيمان حيث ينال التائب المرتبة الأعلى والأعظم
وهي رفقة المؤمنين والذي بشرهم الله بأجر عظيم , هكذا يا سيدتي هذا هو طريق الحق ولقد
بدأت بالفعل بالتوبة والصلاة والبُعد عن الكبائر التي حدثت في الماضي وأنت في كنف الشيطان
والآن تشعرين بجفاء أبناءك ورغبتهم في نسيانك وطوي صفحتهم معك رغم أن الله عز وجل ذكر
في كتابة الكريم (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا) .
( الكلمات المفتاحية )
Post a Comment