حكايات مقهي الملك فاروق بالأسكندرية


أثناء تنزهك داخل شوارع وأزقة حي "بحرى" بالإسكندرية حيث عبق التاريخ يمتزج برائحة نسيم البحر، وتحديدًا في شارع "إسماعيل صبري" يخطف نظرك فجأة تاج الملك فاروق يمتثل أمامك، تتساءل عن هذا المكان , وبمجرد أن تتخطى قدماك عتبتها حتى ترى أمامك الكثير من التفاصيل القديمة التي تنقلك لزمن آخر، حيث أنه من أشهر مَقاهي مَنطقة بَحري تحديداً في الجهة المُقابلة للبحر في شَارع جَانبي يَافطة مُميزة جداً ومَنحوتات النَحاس على الحَائط الخارجي التي حُفرت عليها تاريخ المقهى واسمه بحروف كبَيرة « قهوة فاروق ١٩٢٨» هُنا تَجد أمامك البَوابة الخَشبية تَعلوها عَلامة التَاج المَلكي في شارع كان يُطلق عليه شَارع "التَتويج" لارتباطه بمُرور الملك فاروق أثناء تتَويجه مُتجها إلى قَصر رأس التيِن .

كل أركان المقهى تبوح بتفاصيل ترتبط بالملك فاروق الشاب آنذاك ، ليكون المقهى اسمًا على مسمى وليس مجرد اسم مكتوب علي مدخله يجذب المارة لا أكثر من ذلك ، هنالك تجد صورة لتاجه الملكي، وعدد كبير من صوره الشخصية مع زوجته وأفراد العائلة الملكية، إضافة إلى صوره وهو جالس على المقهى نفسه، ثم المنصة العتيقة التي تحمل اسم "الملك فاروق" على لافتة ذهبية فاخرة في الركن الذى كان يفضل الملك الجلوس داخله، ووفقًا لأحد العاملين في المقهى، فإن هذا الركن أو "المنصة" أنشئ بناء على أمر من الملك نفسه لصاحب المقهى، حيث طلب أن يخصصه فقط له , يتذكر البعض كيف كان يتردد الملك علي ذلك المقهى  يحتسي قهوته الصباحية ومعها الشيشة الخاصة به حيث كان يفضل نوع الطومباك .

قاسم أمين: رجل اغضب الرجال واسعد النساء

بعد الدخُول من البَوابة الخَشبية للمقهى سَتجد صور عَديده للملك فاروق وهو يَشرب "الشيِشة" وهو يَركب جواده وأعمدة هذا المقهى من الرُخام ومَصابيح الإنارة من النَحاس وتَجد في كل رُكن فوق الشَبابيك الخَشبية حرف F نسبة إلى الحَرف الأول من اسم الملك فاروق بالإنجليزية ويَقول احد العاملين بالمَقهى إن تَاريخ إنشائه يعود إلى العام ١٩٢٨ منذ ٩٢ عاماً كما هو مَحفور على القطع النَحاسية على الجُدران الخَارجية للمقهى وأن سِر تَسمية المقهى باسم فاروق يَعود إلى يوم تَتويجه عام ١٩٣٨ منذ ٨٢ عاماً حيث كان مُوكبه يَمر في الشَارع الذي يُوجد به المقهى مُتجهًا إلى قصر رأس التين مكان التتويج وكان المَقهى مِلك سَيدة يونانية تُدعى «ماري بيانوتي» وقبل تَسميته بمقهى فاروق كان اسمه مَقهى «كاليميرا» وتَعني صبَاح الخير باليونانية

وعندما مرّ الملك فاروق أمَام المَقهى اسَتوقفته السيدة « ماري » مُشيرة له ليَقبل دَعوتها لاستضافته دَاخل المقهى فأسَتجاب الملك وأشَار للحاشية الملكية ان تَدخل المقهى وطَلب الملك وَقتها الشيشة وكوب من الشَاي المَصري وأعَطي السيدة اليونانية مَبلغاً مَالياً كبَيراً فَقامت في اليوم التَالي بتغيِير الديكُورات الخَاصة بالمقَهى بالإضافة إلى الاسم بالطَبع وأوَصت بتَصنيع رُسوم نِحاسية خَالصة يَدوية للتَاج الملكي عِند صُناع مَهرة في حي خَان الخليلي بالقاهرة وتَكلفت التِيجان في ذلك الوقت مَبالغ كَبيرة جداً بَمقاييس ذلك الوقت وجُرى تثَبيت هذه التِيجان على الأبواب لتُصبح شِعار المَقهى المُميز


لغز حديث الفنان "محمد رضا" لابنه قبل وفاته


يقَول احد العاملين بالمقهى : «لقد ورثنا طَريقة الإدارة الأجنبية الجَادة من السَيدة ماري إذ يَرتدي كُل العُمال في المَقهى زياً مُوحداً هو عُبارة عن جَاكيت وقَميص وبنَطلون بُني اللَون بالإضافة إلى رابَطة عُنق» « ولا نَسمح أبداً لأي عَامل بأن يَكون شَعره طَويلاً أو سَيئ الهِندام ويَذكر ان الملك كان لَديه مَكان مُخصص مُرتفع قَليلًا دَاخل المَقهى بِه سُور حَديدي مِثل بِنوار السِينما أُعد خِصيصاً ليَجلس به و كل الأعَمدة والإضاءات التي يَحتويها المَقهى كَانت من خَامات نَادرة

وعن مُلاك المَقهى الحَالين وحِفاظهم على الشَكل التُراثي له يُذكر إن مِلكية المقهى آلت من بَعد ماري بيانوتي إلى السيد كمال نصر ثم المستشار سيد همام عام ١٩٧٧ ثم أولاده الذين كانوا مُصرين على الاحتفاظ بالطَابع التُراثي داخل المقهى وَرفضوا جَميع عُروض شِراء الرُخام النَادر المَوجود بالأعمدة فهم يُقدرون القِيمة التُراثية لهذا المَقهى حتى أنهم احَتفظوا بسبورة كانت مُخصصة لِكتابة الأسعار واهَتموا بَتجديد وتَلميع التيِجان الملكية النحاسية المثبتة أعلي أبَواب المقهى الأربعة مَره كل سنه بَواسطة مُتخصصين في صِيانة الأدوات النحاسية . 

Flag Counter
السرايا الصفراء " .. جزء من تاريخ مصر
Labeled Posts Blogger Widget in Tab Style

Post a Comment

Previous Post Next Post