تعود
أحداث تلك الذكريات عندما كنت في الصف الثاني الثانوي حيث مرحلة الشعور بالتباهي بالنفس
وشعورنا أننا أكثر الشباب جاذبية في العالم بالرغم أن الواقع غير ذلك بالمرة ولكنه
شعور يسيطر علينا نحن الثلاثة اقصد أنا وأصدقائي حيث كنا دائما نفعل كل شيء معا داخل
المدرسة وخارجها وكان لكل منا شخصية مختلفة وسلوكا مختلفا ولكننا كنا نسير معا لشعورنا
بأننا سوف نكون أصدقاء طوال العمر وأن المستقبل سوف يكون لنا مشرق دون شك لكن من بعد
كل تلك السنوات افترقنا كلا في طريقه يلهث من وراء الدنيا لا يتذكر الأخريين إلا عندما
تمر على ذهنه بعض الذكريات التي تذكره بأصدقائه أصدقاء المراهقة، للأسف تلك هي الحقيقة
التي نتداركها عندما يمضي قطار العمر بنا سريعا ونجد أننا في نهاية الأمر صرنا نمضي
بمفردنا لا نملك شيئا سوى تلك الذكريات التافهة...
في ذلك
العام الدراسي لم نكن نهتم بالدراسة أو تحصيل الدرجات لأننا كنا ندرك أن الثانوية العامة
هي الأهم وعندما تأتي يفعل الله ما يريد.
لكن
المهم الآن هو الاستمتاع بالحياة والضحك والتباهي بقوتنا العضلية بعد ممارسة بعض التمارين
بعصاية الغلية التي تجد على كل طرف منها علبة بلاستيك مملوءة بالإسمنت حيث كنا نتخيل
أننا عندما نتمرن لمدة يومين أو ثلاثة أن عضلاتنا أصبحت ضخمة مثل الحاج أرنولد وكنا
نقضي الكثير من الوقت أمام المرآة لنشاهد الورم الذي حدث في سواعدنا.
كنا
نشعر أننا الشباب الذي لا يقهر مثل سلاحف النينجا وأننا نمتلك الجاذبية التي لو رأتها
مارلين مونرو لكانت غادرت أمريكا كلها بحثا عنا من أجل نظرة واحدة من عيوننا الساحرة.
كنت
أجلس أنا وصديقي مجدي في الديسك الأمامي وكان محمد يجلس خلفنا تماما وذلك ليكون قريبا
من باب حجرة الدراسة حتى نقتنص أي فرصة للخروج والتسكع في الخارج سواء مع مدرس الألعاب
الرياضية أو في غرفة الكومبيوتر.
أتذكر
في ذلك العام مدرس اللغة الفرنسية والذي كان يسكن بجوار منزلي ويعرف إخوتي جيدا مما
كان دائما يقارن بيني وبينهم، أخي الأكبر كان متفوقا بشكل لافت للنظر والكل يتوقع أن
أكون مثله ولكني في واقع الأمر عكس هذا تماما، هذا المدرس يعشق الدروس الخصوصية بشكل
مرضي ونحن الثلاثة نبغض الدروس الخصوصية بشكل مرضي أيضا حتى أننا كنا نشعر بالتلذذ
عندما نحصل على درجات ضعيفة أو نتخطى درجة النجاح بشق الأنفس فكل هذا لأيهم
كان
من أفعال ذلك المدرس أن يفاجئنا بامتحان تحريري في أي وقت حيث يكون كل من يعطيه درسا
خصوصيا يعلم جيدا هذا الامتحان لكي ينالوا أعلي الدرجات النهائية، في بادئ الأمر كانت مشكلة عويصة
بالنسبة لنا وخاصة لي فهذا المدرس جار لي وسوف يقيم الأفراح في حالة فشلي في الحصول
على الدرجات النهائية، لذلك تفتق ذهني بفكرة شيطانية وأنا جالس أتأمل أول اختبار لنا
في اللغة الفرنسية حيث في الواقع علاقتي بها مثل علاقتي باللغة الصينية لا أفقه شيء
بها، التفت حولي لكي أراقب كلا من مجدي ومحمد فوجد وجوههم يكسوها الكآبة والضيق فابتسمت
لهم ابتسامة ماكرة فادركوا الرسالة بأنني قد وجدت حلا لتلك المشكلة الصعبة.
كنت
أنتظر بفارغ الصبر انتهاء الحصة لكي أسرع بأن أجمع الكشاكيل من زملائي في الفصل حتى
نضعهم في غرفة المدرسين وبالفعل جمعت كل الكشاكيل بما فيها كشاكيل أصدقائي وذهبت بهم
إلى غرفة المدرسين ثم أخفيت كلا من كشكولي وكشاكيل صديقي في ثيابي ثم عد مرة أخرى إلى
حجرة الدراسة ثم اقتربت من مجدي وأنا أخرج الكشاكيل من بين ثيابي قائلا:
ــ شغلتك
النهاردة تحل التلت كشاكيل بتوعنا بأي طريقة تشوف ملخص تشوف حد يعرف فرنساوي المهم
تحلهم وبكره أنا حارجعهم تاني بين الكشاكيل مرة تانية
ــ إشطة
يا زعيم هو دا الشغل المضبوط... هو أحنا بتوع فرنساوي ومذاكرة ودروس خصوصية
في اليوم
التالي أحضر صديقي الثلاثة كشاكيل والذي سطرهم بنفس الخط وقد أجاب على الاختبار بكل
مهارة فعد بهما إلى غرفة المدرسين ووضعتهم مع باقي كشاكيل الفصل، في كل مرة كان يتكرر
هذا الموقف وكنا في كل مرة نحصل على الدرجات النهائية مما أثار حفيظة ذلك المدرس ففي
إحدى المرات قرر أن يمنح الدرجة النهائية لي فقط وصديقي هذا درجة النجاح فقط بالرغم
أن صديقي هذا هو من أجاب على الاختبار وسطر الإجابة بخد يده في كل من الكشاكيل الثلاثة،
لذلك لم يتحمل صديقي هذا الأمر والظلم وقد أحمر وجهه وعينيه كادت تقدح شررا قائلا:
ــ يبقي
أنا اللي مجاوب علي الامتحان ليكم وأخذ أقل درجة فيكم؟!!
ــ طيب
أنا اعملك إيه عميل فاشل وموش بتذاكر كويس عشان تبقي مجتهدا ومتفوق زي يا فاشل... أمك
تقول عليك إيه دلوقتي يا فاشل
اشتاط
صديقي غضبا من حديثي الساخر وأنا أعلم جيدا أنني لا أفقه شيئا عن كل تلك الإجابات بل
لو تنبه المدرس أن الإجابة هي نفس الإجابة بنفس القلم وبخط صديقي هذا لكان أصبحنا جميعاً
في ورطة كبيرة لا يمكن تجاوزها بسهولة، لذلك انفعل صديقي هذا وهو يكاد أن يصاب بالجنون
قائلا:
ــ والله
لو ما خدش الدرجة النهائية حاروح أقوله أنا إاللي مجاوب التلت كشاكيل والعيال دي فاشلة
شعرت
بأن صديقي يتحدث إلي بنبرة تهديد واضحة لا لبث فيها ومن الممكن أن يتهور ويخبر المدرس
بكل شيء وهنا سوف يتم طردنا جميعاً من المدرسة بسبب التزوير في كشاكيل مدرسية.
ــ اهدأ
يا عم أنت مالك إتنرفزت كده ليه دا امتحان عبيط يا جدع... سيبني أنا حا تصرف في الموضوع
دا
لم يكن
لدي أدني فكرة عن كيفية تهدئة صديقي هذا وكيفية اقناع المعلم بتغيير
درجة صديقي هذا، توجهت إلي المعلم وأنا أحمل كشكول صديقي بين يدي المرتعشتان ولا أعلم
كيف سأقنع المعلم بهذا.
ــ أستاذ
إبراهيم الوأد مجدي مظلوم في الامتحان وبصراحة المفروض يا خد درجة أكبر من كدا
ــ دا
واد فاشل وعمره ما حا يفلح في حياته... أزاي واحد مجتهد ومتفوق زيك ماشي معاه ... أنت
موش خايف على مستقبلك؟!!
والله
خايف طبعا على مستقبلي عشان أنا طول الليل بذاكر لدرجة إني بنام علي المكتب من كثر
التعب وابويا وامي يتحايلوا عليه عشان انام وانا اقولهم ابداً انا عاوز اذاكر حتي
ثمالة ... بس أنا بعطف عليه عشان يتيم وأمه طلعت هبله وخافيين عليها من الفتنة
وممكن يجيلها شلل رباعي لما تشوف الدرجة دي
ــ طيب
أنت عايز إيه دلوقتي؟!!
ــ وحياة
عيالك يا شيخ أديله الدرجة النهائية عشان ما يفضحنيش... أبوس أيدك ... يا شيخ أنت ما
عندكش عيال تخاف عليهم
ــ عشان
خاطرك حاديله درجة زيادة عشانك أنت بس يا مجتهد يا متفوق يا نابغة
شعرت
بالارتياح والسعادة لأنني كنت بالفعل أخشى من تهديد صديقي أن يخبره بكل شيء وتكتب أسماؤنا
في لوحة المفصولين بدلا من لوحة المتفوقين.
في ذلك
العام جاء لنا معلم رياضيات جديد يدعى سمير وشعرنا جميعاً بعد أول حصة دراسية أننا
لن نفهم منه شيئا بتاتا ومع مرور الوقت شعرنا أنه يضغط على جميع الطلبة لكي يلتحقوا
بالدروس الخصوصية لديه وكان هذا المبدأ مرفوضا تماما لدينا مهما حدث فلنا مبادئ ولن
نغيرها أبدا
مضي
شهر كامل منذ قدوم المعلم سمير وبعد أول اختبار شهري وجدنا أن كل الطلبة أعلنوا الاستسلام
والتحقوا بالدروس الخصوصية لديه ولم يبق سوى نحن الثلاثة وبالرغم أننا كنا قد
تجاوزنا الاختبار بصعوبة بالغة وبشق الأنفس لكن المهم أننا تجاوزنا هذا الأمر وهذا
هو المهم.
في اختبار
الشهر التالي كنا نعتمد على الفهلوة وتبادل الأفكار بيننا لأن الهدف هو النجاح فقط
وليس مهم التفوق ولكن حدث شيء غريب ولافت للنظر في نتيجة ذلك الامتحان حيث اكتشفنا
أن جميع الطلاب حصلوا علي الدرجات النهائية ماعدا نحن الثلاثة فقط
فعندما
أعلن الأستاذ سمير درجات الاختبار وهو يتطلع إلينا بنظرة شماتة وابتسامة ماكرة لكي
يؤثر علينا ويسبب لنا خيبة الأمل والاحباط لكي نعلن الاستسلام ونرفع الراية
البيضاء وننضم إلى باقي الطلاب في قطيع الدروس الخصوصية حيث بدأ في الاستفزاز العلني الصريح لنا نحن الثلاثة
قائلاً :
ــ إيه
موش ناوين تفلحوا السنادي ولا عاوزين تجيبوا
ملاحق وتذاكروا في الإجازة دا كل الفصل بقي شاطر ما فضلش غيركم أنتم
لم أتحمل
تلك الكلمات الجارحة بسبب روح القيادة التي تتملكني دائما بسبب شعوري بأنني الزعيم
فأجبته قائلا:
ــ أصل
الفصل ربنا كرمه وبياخدوا درس خصوصي وأحنا لسه باندور على الشارع اللي فيه الدرس دا
وربنا يكرمنا ونلاقيه في آخر السنة
صمت
العلم لوهلة وتجاهل كلامي كأنه لم يسمعه وانهمك
في إعلان باقي أسماء المتفوقين بابتسامته الخبيثة وأكمل الحصة دون الاهتمام بنا كأننا
أشباح ولسنا مع باقي الفصل.
بعد
أسبوع التقينا في الممر المؤدي إلي حجرة الدراسة مرة أخرى خارج الفصل وأخبرته أننا
سنواصل مسيرتنا التعليمية دون أي دروس خصوصية فأجاب قائلا:
ــ طيب
حاتعمل إيه يا فالح لو سقط في الامتحان اللي جاي حايبقي شكلك وحش أوي في الفصل أنت
وجوز الماعيز الثانيين اللي معاك؟!!
أجبته
بثقة تتجاوز حدود تلك السماء قائلا:
ــ أستاذ
سمير التلن ماعيز دول عباقرة والعبد لله إنشتاين البلد دي وليه علامات في كل مسائل
الرياضة ولو دورت شويه في الكتب حتلاقي نظريات باسمي في الكتب بالبنط العريض جنب فيثاغورث
لزق
ــ يا
سلام نظريات!!!!!... طيب أنجح الأول بدلا ما أنت مقضيها على الحركرك طول السنة
تطلعت
إليه وعيناي تطلعان إلى عينيه بإيحاء من التحدي قليلا وأجبته بكل ثقة قائلاً :
ــ إيه
رأيك يا أستاذ سمير نعمل تحدي بسيط بينا وبينك في الامتحان اللي جاي عشان تشوف العبقرية
كلها من الثلاثة العظماء وعشان تحكي قصتنا لكل الطلبة من بعدنا لتكون درس ليهم في الحياة
قطب
حاجبيه في نظرة عميقة إلى قائل:
ــ إيه
هو التحدي يا عم فيثاغورس يا متعلم؟!!
ــ المهم
الأول يا أستاذ سمير ما تاخدش الموضوع بطريقة شخصية أحنا في الأول وفي الآخر حبايب
طلبة بتتهور مع المدرس بتاعهم يعني ممكن تقول طريقة جديدة في التفاعل النفسي والتعليمي
بنا وبينك وعشان كدا التحدي حايكون لو تفوقنا
في الامتحان اللي جاي حناخد الدرجة دي في باقي الامتحانات اللي جايه واللي فاتت ويبقي
كدا خلصنا درجات أعمال السنة ولو فشلنا يبقي ليك عندنا حق عرب ويا باشا أصعب امتحان
هاته وأحنا- بإذن الله- متفوقين دائما على طول على رأي الأستاذ عبد الحليم حافظ
بالفعل
قبل الأستاذ سمير التحدي وعدت إلي الفصل وأنا في قمة السعادة والثقة وأخبرت محمد ومجدي
بهذا الاتفاق ولكن كان رد فعلهم مختلفا حيث أجابني مجدي قائلا:
ــ الله
يخرب بيت أبوك مين قالك أنا عايز كدا .. دا أنا بكتب اسمي بالعافية تقولي تحدي ومذاكرة
وموش عارف إيه... لا يا عم أنا حاطلعله وأقوله أنا عيل وماليش دعوة بيكم وأنا مبسوط
بالحركرك دا وعلي فكرة دا يعتبر إنجاز في حد ذاته
وأجابني
محمد أيضا قائلا:
ــ هو
أنت لازم كل مرة تلبسنا بلوه وننفضح فضيحة المتحرش في طابور العيش ... بقولك إيه إنسا
أنحنا أصحاب وأنسا أمي والرز باللبن اللي بتتطفحه عندنا
فأمسكت
بيد محمد متوسلا:
ــ إلا
أمك يا محمد دا أنا أموت فيها دا هي الحته الحنية كلها دا أنا ماعرفتش موضوع عيد الميلاد
والتورتة غير علي أيديها وأنت كدا عاوز تحرمني من حب حياتي ومن الرز باللبن بتاع أمك
دا يبقى عيب وحرام على أمك يا فقري... ما تخافوش بعد النهارده وسيبوا الموضوع دا عليا وأنا حاتصرف
وحاباصيلكم الامتحان لما أجاوبه أولا بأول بس يا محمد قول لأمك تزود المكسرات شويه
علي الرز باللبن وقولها محمد نفسه هفاه علي طبق أم على اليومين دول
في تلك
اللحظة لم أكن أملك حلا فعلياً لتلك المشكلة العويصة وخاصة عندما وجدت التهديدات القادمة
من كل من محمد ومجدي جدية واعتمادهم الكلي علي ذكائي وقدراتي في حل الاختبار والاعتماد
علي في تحقيق أعلى الدرجات في امتحان التحدي.
قررت
الذهاب إلي المكتبة للبحث عن الكتب الخارجية التي من الممكن أن تساعدني في ذلك
الأمر ولم أكن في واقع الأمر أعلم شيئا عنها فطلبت من صاحب المكتبة أن يحضر لي جميع
الكتب الخارجية الخاصة بمادة الرياضيات لكي اختار منها كتابا يعينني علي المشكلة العويصة
تلك ولكن في نهاية الأمر لم أستطع اختيار كتاب خارجي بعينه فسألت صاحب المكتبة قائلا
ــ يا
عم الحاج دلني إيه أكتر كتاب بيتباع في الكتب دي عشان أنا بحب الجماعة، وخير الأعمال
هي أعمال الجماعة
فأجاب
صاحب المكتبة قائلا:
ــ هو
يا بني أنت داخل جامع تصلي ولا جاي تشتري كتاب وأنت موش عارف أنت عاز إيه
تطلعت
إليه وأنا غاضب قائل:
ــ يا
عم الحاج أنجز وقولي اشتري كتاب إيه أنا عاير كتاب خلاصة يعني أخلصه في يومين بالكثير
يا عم الحاج
فنصحني
صاحب المكتبة بكتاب معين وبالفعل شعرت أنني وجدت الحل وسوف أفجر مفاجأة ضخمة واجتاز
الامتحان بتفوق شديد لدرجة أن وزير التربية والتعليم سوف يأتي لزيارتي و يمنحني شهادة
الذكاء الخارق.
بدأت
المذاكرة لأول مرة في الرياضيات ووجدت أنني يجب أن أذاكر أكثر من نصف الكتاب في أسبوع
واحد فقط وهذه معجزة أخرى تحتاج أكثر من طبق أرز باللبن.
مضي
الأسبوع سريعا وجاء يوم الامتحان وكنت أشعر
بالزهو والفخر والتحدي ووجدت كلا من مجدي ومحمد يتطلعان إلي بقلق وتوتر لاعتمادهم علي
في حل هذا الامتحان الذي يتوقف عليه مصيرنا نحن الثلاثة ولكني نظرت إليهم بابتسامة
عريضة حيث سألني محمد سؤالا غبيا مثله قائلا:
ــ عملت
إيه يابن الفقرية شكلك هتودينا في داهية النهاردة دا سمير مستنيك يا فالح وبيقول فين
ديك البرابر بتاعكم ؟!!
حتى
مجدي شعرت أنه فاقد الثقة كليا في ذكائي الخارق حيث وضع رأسه على الديسك وأغمض عينيه
في حزن مما أثر في نفسي تأثيرا بالغا حيث أمسكت كتفه بيدي قائلا:
ــ مجدي
ما تخافش أنت مش واثق فيه !! .. طيب التاني
أهبل وعارفين لكن أنت بالذات كل الناس كوم وأنت الوحيد اللي لازم يثق في قدراتي الخارقة...
قوم يا مجدي ما تخافش
نظر
مجدي إلي نظرة عميقة وكأنه يراني لأول مرة في حياته قائلا:
ــ أنت
عارف إيه اللي حصل في بيتنا مش عارف أمي راحت فين !! .. هيا نزلت وسابت باب الشقة مفتوحا زي كل مرة وفيش
فايده في الولية دي المرة اللي فاتت لقيت كلبا نايم جنبي علي السرير وأنا كنت بابوس
مارلين مونرو في الحلم وكنت مفتري جامد في
البوس وطلع في الآخر الكلب اللي نايم جنبي
ــ يا
بني فوق أحنا في المدرسة وعندنا امتحان فوق يابتاع الكلب عشان سمير هيجيبلك الكلب بجد
بعد الامتحان
ظهر
الأستاذ سمير عند باب الفصل يتهادى وابتسامته العريضة كأنه ينتظر النصر على أعدائه
من الكفار والمقصود بهم نحن ولكن هيهات أن يحدث ذلك دا أنا كلت الكتاب الخارجي أكل
وبلعته طبق أرز باللبن كمان،.
جلست
في مكاني بجوار مجدي ومحمد من ورائي، بدأ الأستاذ سمير بتوزيع الاختبار والابتسامة
تملأ وجهه بالكامل وجدت محمد يمسك قميصي من الخلف قائل:
ــ الامتحان
عامل إيه فقري هتودينا في داهية وأنا قلبي حساس بكدا
لم أهتم
بهم وبدأت في قراءة أول سؤال وشعرت أنني أول مرة أتشرف بهذه النوعية من المسائل وأغلب
الظن أنه سؤال هيروغليفي من الأسرة السادسة عشرة.
لم أهتم
وتطلعت إلي باقي الاختبار فوجد أنه تقريبا كلها أشياء تعود إلي حقبة التاريخ الفرعوني
من أيام الهكسوس أو ربما لعصر ما قبل الأسرات كما أظن ذلك.
بل اجتاحني
شعور يكاد يصل إلى مرحلة اليقين بأنني ربما قد اشتريت كتابا خارجيا لعام دراسي مختلف
تماما ربما لشهادة الدبلوم التجاري لأنني لأول مرة أشاهد هذه الطلاسم وتلك الألغاز
التي لا أعرف عنها شيئا بالمرة، مضي القليل من الوقت ومجدي متسائلا:
ــ قولي
حل السؤال الأول عشان أكتبه بسرعة
كنت
في حالة غيبوبة تامة شعرت أن جهاز الاستقبال بداخلي قد تعطل ولا يشعر بأي شيء، تكررت
استغاثات مجدي بجواري وكذلك محمد الذي انهال على قفاي لكي أستيقظ من تلك الغيبوبة العميقة
ولكن دون فائدة، مر الوقت سريعا ولم أشعر بشيء سوى محمد يخطف كراسة الإجابة من أمامي
حيث وجدها ناصعة البياض ماعدا اسمي في أول ورقة فقط.
انتفض
محمد من الغضب موجها كل السباب لي قائلا:
ــ أستاذ
سمير بقولك إيه هو عنوان البيت فين عشان أمي بتقولك إني عيل فاشل ومحتاج درس خصوصي
ضروري وأنا أستأهل ضرب الجذمة لو شفتني ماشي تاني مع الوأد الفقري دا طول حياتي
لم أستطع
أن أنطق بكلمة واحدة ونظرت إلي مجدي وعيوني منكسرة أمامه وأنا أشعر بخيبة الأمل في
صديقي الذي تبرأ مني أمام العامة حيث أعلن توبته وتركني وحيدا، امسك مجدي بيدي قائلا:
ولا
يهمك أنا معاك يا ننجح مع بعض يا نسقط مع بعض بس وحياة أبوك ما تقول لحد على موضوع
الكلب دا أنا مش ناقص فضايح قول إنها كانت مارلين مونرو عشان الواحد يحس إنه واد خلبوس كبير ويا عم ماجتش على
المادة دي السنادي... كل سنة وأنت طيب.
انتهت
بقلم
الكاتب الدكتور
( الكلمات المفتاحية )
Post a Comment