مغامرات في شرم الشيخ: الحلقة الأولي

مغامرات في شرم الشيخ
مغامرات في شرم الشيخ


 كنت كعادتي مع صديقي العزيز سولي وهذا هو اسم الدلع الخاص به ولكنه في واقع الأمر اسمه سامي , من عاداتنا السيئة أننا نتسكع دائماً في طرقات المدينة ليلاً نجوبها ذهاباً وإياباً لا نجد ما نفعله سوي الثرثرة فقط , فكل الأماكن تبدو هادئة والمارة قليلون والمحلات خاوية إلا من بعض المترددين عليها مثلنا , لكن في حقيقة الأمر كنا نشعر بداخلنا أننا مثل الأمراء  وأننا نمتلك بالفعل تلك الشوارع بما لها من رحابة وأنها مملكتنا الضائعة  التي نجد المتعة والسعادة عند سيرنا بين جنباتها وفي طرقاتها المتفرعة لكي نتحدث ونتسامر في أشياء ليس لها قيمة فعلية في الواقع .

 

كانت أكتافنا تتخبط وتتلاصق أحياناً في بعضها البعض ولا نجد شيء نفعله سوي الملل من كل شيء فالشوارع هادئة إلي حداً ما من حولنا والحواديت والحكايات قد نفذت وصارت سراباً مثل أحلامنا ولا نجد شيء نفعله سوي النظر إلي أنفسنا فقط , لا نجد شيء مُثير يمنحنا زخم مغامرة جديدة أو شيء يحمل بين طياتها علامات التشويق والإثارة مما يجعل من حياتنا لها مذاق جديد ومٌختلف يمنحنا القليل من المتعة و النشوة في حياتنا المملة الكئيبة .

تطلعت إلي صديقي بنظرة تملئها رغبة في كسر ذلك الجمود وتحمل بين ثناياها عدم الرضا عن حياتي والملل الذي يغلفها بقسوة  قائلاً :

 ــ ماذا نفعل يا صديقي الدوق سولي في هذا الموقف العصيب؟!!

تلقي صديقي كلماتي باندهاش ونظر إلي كأنني أحد المتسكعين الضالين في الأزقة يطاردون المارة لمنحهم القليل من المال قائلاً :

ــ إيه رأيك يا كوتش في رحلة لشرم الشيخ ؟!!

هيئة الحساب والعقاب الإخوانية في مصر

 

أجبته مبتسماً وقد راقت لي الفكرة والتي أنارت شيئاً من البريق اللامع بين أفكاري المتبعثرة فأنا في الواقع لا أجد شيء يمنحني القليل من التغيير قائلاً :

ــ والله فكرة يا واد يا دوق سولي منها تغيير ومنها نشجع السياحة الداخلية ويبقي كسبنا صواب في مصر وغيرنا شويه من المناظر العكرة اللي بنشوفها كل يوم زي وشك العكر ده , بقولك إيه أنا موافق من  بكرة  يا معلم نحجز طيران لشرم الشيخ ونهيس يومين هناك وندلع شوية بقي

أمسك صديقي بكتفي متأملاً تقاسيم وجهي التي تلعن اليوم الذي تعرفت عليه وشعرت بأنه سوف يصفعني علي وجهي لسبب ما ربما طلبت منه أن يحضر والدته معنا من أجل طهي الطعام وغسيل ثيابنا  هناك , فالأمر برمته سوف يكون سيئاً للغاية حينما نقضي كل وقتنا في الطهي وغسل الثياب .

ــ لا يا نجم إحنا موش ها نروح شرم بالطيارة ... إحنا ها نروح بالأتوبيس .... ومش أي أتوبيس, دا أتوبيس مكيف وطيارة يا دوب تقول توكلنا علي الله تلاقي نفسك وصلت شرم الشيخ بالسلامة

ــ هوا سوبر مان ساب أمريكا وعمل شركة أتوبيسات في مصر ؟!!

ــ لا دا أتوبيس شركة  شرق الدلتا .. شركة وطنية مصرية أصيلة عشان أكون كدا عامل معاك الواجب كله ودلعتك علي الآخر وتعرف مصر تطورت إزاي وبقت زي أوروبا الخالق الناطق

 

 تطلعت إليه وعلامات الغباء تكسو ملامحي وأنا أفكر في حديثه عن التطور الذي حدث في البلاد بدون أن اتنبه لذلك  قائلاً :

 ــ يا بني الطيارة علي الأقل ساعة أما الأتوبيس ساعتين ونص وأنا موش ها ستحمل قاعدة الكرسي ولا بوزك العكر دا ساعتين علي بعض

أطلق صديقي ضحكة عالية مجلجلة عندما أسمعها أشعر أنها ربما تكون صوت فأر يحاول الخروج من مصيدة ما ولكنه فشل في ذلك .

ــ يا كوتش ساعتين إيه دول يا دوبك المسافة فركة كعب يا معلم وها نعمل حاجات كتيره في الرحلة منها بصراحة نفسي أشوف سينا وأشوف الجبال اللي هناك وبالمرة نشتري شوية سمك بلطي من علي الطريق ببقولك سمك رباني مليان يود ويجلي الصدر من الكحة

تحدي الجبابرة: الحلقة الأولي

 

نظرت له متعجباً ولا أعلم إذا كانت الحافلة سوف تمر علي بحيرات أو ما شابه ذلك فربما كل شيء قد تغير نتيجة التطور الذي حدث في مصر دون أن أدرك ذلك قائلاً :

 ــ موش دا السمك اللي بيكون علي الطريق الدولي زي اللي عند رشيد وبلطيم وشارب مجاري لما طفح !!!!! ........  هوا فيه بحيرات في سينا عشان نشتري منها سمك يا بن الجوعانة

ــ أيوه صح السمك دا عند رشيد  أنا فاكر حاجة زي كدا .... طيب يا عم علي الأقل أبوس أرضها اللي  ما شوفتهاش غير في احتفالات سينا وفي السنيما ...... فاكر فيلم الحب في طابا؟!! ..... دا أكتر فيلم أثر فيه وكانت دموعي عامله زي الحنفية المسربة , الفيلم دا خلاني معرفش أقاوم حبي لسينا ........ أكيد فاكره وفاكر البت اليهودية الموزة اللي كنت ها تموت وتمثل معاها الفيلم

أجبته إجابة سريعة وتلقائية كأنه يذكرني بشيء كنت أود بالفعل أن أقوم به بشدة.

 ــ وحياتك يا غالي دا أنا حافظ الفيلم كله هي صحتي راحت من شويه.......... لكن يا بني سينا معروفة , عبارة عن شوية جبال مرصوصة جنب بعضها وحبة رمله وكام معزة بياكلوا في بعض من قلة الأكل

 

أجاب صديقي  بعصبية مُفرطة كأنني قد أهنت والدته الكريمة .

 ــ أنت موش وطني ولا بتحب الفريق الوطني وشكلك كدا موش حافظ النشيد الوطني ...... دا أنا كل يوم بحلم باليوم اللي أشوف سينا وأبوسها ..  حبيبتي يا سينا..... طيب فاكر فيلم رصاصة مازالت في جيبي والشهيد صلاح السعدني في الفيلم؟!!

ــ الله يرحمه كان راجل طيب

ــ لا ما متش طلع الدم موش دم حقيقي دا كان كيس كاتشب وبقع هدومه والحمد لله عمل ليالي الحلمية واتجوز صفية العمري .

إلي هنا تنتهي الحلقة الأولي

بقلم الكاتب الدكتور

محمد عبدالتواب

Post a Comment

Previous Post Next Post