زواج عرفي

زواج عرفي قصة من واقع الحياة
زواج عرفي قصة من واقع الحياة

إن في أحداث الحياة وخطوبها لعظات وعبراً , ففي حياتنا نواجه العديد من المواقف التي تجعلنا عاجزين عن إيجاد مخرج لها , مشكلة قد قضت مضجعي حيث جعلت النوم عصياً علي جفوني ,  استرعي انتباهي تلك الرسالة من العديد من الرسائل التي تصل إلي بريدي , أرسلتها لي فتاة صغيرة في مقتبل العُمر تروي لي قصتها بكل تفاصيلها وتجلياتها الممجوجة والتي ألمت بها , أظنها ليست مشكلة تلك الفتاة والتي هي دلالة تيهانها الأبدي داخل أغوار نفسها , بل هي مشكلة عامة يعاني منها الكثير من بناتنا في الخفاء ونسمع عنها بين الفينة والأخرى في عصرنا هذا .


نتعجب كيف تقع الفتيات في براثن تلك الخدعة كفريسة سهلة علي حين غُرة , إنها خدعة الحب عن طريق الفيس بوك والذي يكتسي طابعاً حالماً , والتمادي في الخطيئة باسم الزواج العرفي ورومانسيات زائفة للخوض في بحور من الانتشاء واللذة, جميعاً نعلم أن حالات الزواج العرفي بين الشباب صارت  ظاهرة ملفتة للنظر وتسترعي الانتباه بشدة خاصةُ بين طلاب المدارس والجامعات وأيضاً من خلال التعارف والصداقة بين الطرفين من خلال الفيس بوك وهي في واقع الأمر نوع من الإباحية والتي تهيء المناخ الجيد من الوشائج والعلاقات الحميمية , مواقع تشرع الأبواب لممارسة الحب الجسدي وإشباع الشهوات باسم الحب لا أكثر من ذلك , البعض من يدعي الحرية والتحرر من قيود المجتمع الشرقي يدافع عن تلك الطريقة المقنعة التي ينبثق من ثناياها اقتراف الخطيئة باسم الزواج العرفي , البعض يربط ذلك بالحرية الشخصية وما يحدث في الغرب من علاقات كثيرة خارج الاطار الشرعي للزواج وأن هنالك بالفعل زيجات ناجحة قد حدثت من خلال الفيس بوك مثلما تحدثت إحصائية يروجها البعض بأن العام الماضي تم تسجيل خمسة عشر ألف حالة زواج من خلال الفيس بوك في إسبانيا فقط .

البعض يتناسى قيم المجتمع والدين وأننا مجتمع شرقي لا نُحرم الحب العفيف الطاهر بل نُحرم الأفكار والأساليب الخاطئة في اقتراف الخطيئة خارج نطاق الزواج الشرعي والذي هو بالطبع مخالف لقيم قد تربينا عليها والتي تنخر جسده بدون رحمة , المعضلة تكمن  أن العديد من الفتيات قد استطبتن الأمر وصرن أكثر جرأة في كل شيء حتي كاد تاج الحياء والعفة يتلاشى من فوق رؤوسهن .

 الفتيان أيضاً صاروا بلا نخوة أو رجولة بل مجرد ذكور تبحث عن شهوتها بغض النظر أن تلك المرأة قد تمثل له الأخت والأم والأبنة وربما لم يفطن لنفسه في خضم كل ذلك أن تقع أخته كفريسة مُشابه في شباك شاب آخر يفعل فيها ما يفعله هو بكل اريحية .

في رسالة اليوم تروي لي تلك الفتاة بكلمات ممزوجة الجزع والخوف أنها مثل أي فتاة تقوم علي التصفح في صفحات الفيس بوك تعلق أحياناً وتتبادل الأحاديث مع بعض الأصدقاء وأحياناً أشخاص لا تعرفهم لتجزيه الوقت , البعض حديثه مفعم ومُعبق بالود و الأريحية , يشعرها بالفرح المٌفعم بالحبور والتفائل حتي صارت فريسة سهلة تروق لها الفكرة , لم تستغرق المزيد من الوقت حتي لاح لها من ظلمات الفيس بوك فتي يكتسي بطابعاً حالماً وبحديث معسول عن الحب والهيام والإعجاب بين الفينة والأخرى حتي خفق فؤادها لحديث هذا الفتي والذي استمر في تدفق تلك المشاعر الكاذبة والتي صدقتها بسذاجة غريبة واستسلمت بكل طواعية لتنجرف نحو تلك الهاوية المُظلمة حينما قررت في خضم ذلك الموافقة وقبول دعوته علي اللقاء الأول والحديث معه وجهاً لوجه

لو امتلك الإثيوبيون ثروة تمكنهم من تنفيذ أفكارهم بشأن النيل، فليُعِن الله مصر ـ وثائق بريطانية
.

الأيام تمضي واللقاءات  تتكرر وقلبها ينبض وأوردتها تردد صدي دبيبه ووتيرة الحب والعشق الكاذب يزداد عنفوانه والأحلام الوردية التي نسجها ذلك الشيطان حول فريسته كعنكبوت سام تضيق حلقاتها حتي أوهمها بأنه لا يستطيع فراقها والبُعد عنها وأنه يرغب الزواج منها , كانت ضحكتها الربيعية المفعمة بالعنفوان والنشوة تصدح في المكان , فكرة الزواج والحصان الأبيض والفارس المغوار والمسلسلات التركية كانت كفيلة بأن تنسج لها أجنحة ترفرف بها نحو السماء لتحلق بها نحو النجوم , او ربما سيحملها الجنة التي ستنبت مروج خضراء يافعة من أجلها , أنها بالفعل كانت تنتظر تلك اللحظة التي يصارحها هذا الشيطان برغبته بالزواج بها والعيش بجوارها حتي تأتي لحظة الموت التي تفرق بينهما .

في خضم ذلك الحلم الجميل استرعي انتباهها يهمس لها بصوت متهدج ومشحون بالحزن أن هنالك معضلة بسيطة تمنعه من فعل ذلك الحلم في الوقت الحالي , الشيطان مازال طالباً في الجامعة ولا يملك نفقات الزواج ولا يمكنه مصارحة عائلته حالياً لأنها فتاة بسيطة لديها مؤهل متوسط وتعمل في مصنع لادخار المال لزواجها ومساعدة أهلها .

الدورة الشهرية عند النساء ما بين الأمور الطبيعية والغير طبيعية

 بكل هذا الارتياع شعرت تلك الفتاة أن كل أحلامها الوردية بالزواج من هذا الشيطان التي منحته ثقتها ومشاعرها الجارفة مثل تلك الأمواج الهادرة تصفع الصخور وتنثر رذاذاً , الظروف ومعارضة الأهل يقفان حائلاً بينها وبين شيطانها ,حتي كادت أن تيأس , انزوت في الركن القصي تذرف دموعاً حارة مٌلتهبة , الشيطان عيناه تقدحان بالشرر , متمرساً في نسج خيوط المكيدة للإيقاع بتلك الفتاة في براثنه , ابتعد عنها بعض الوقت تاركاً إياها فريسة للحزن واليأس ووجهاً مكسو بغلالة قاتمة من الحزن و بدموع تنز بسكون من عينيها من أجل أنين فؤادها الذي ينبض بكل عنف يعلن صرخته بأنه لا يقبل فكرة الفراق تلك

.

عاد الشيطان في الظهور ثانية وعيناه تلمع ببريق اللحظة الحاسمة التي سوف يقتنص فريسته ويمزقها بين أنيابه ويزيح عنها ثوب العفة والطهارة في الخفاء بدون مقابل سوي مشاعر كاذبة , سوف تسكن بوتقة مظلمة حالكة في حدائق الشيطان , الشيطان يعرض عليها فكرة الزواج العرفي بشاعرية أخاذة ومن ثمة إلي محل سكنه يلتقيان فيه لممارسة المزيد من الوشائج والعلاقات الحميمية والسقوط في الهاوية أكثر فأكثر في كل مرة تمنحه جسدها لكي ينهش ما تبقي منها من خجل , يهمس لها بين الفينة والأخرى أنه زوجها حتي ينهي ما تبقي من سنوات الجامعة ويتقدم لها رسمياً ويتزوجها أمام الجميع , الفتاة لم تستطع أن تقاوم الفكرة وحديثه المعسول وأنفاسه الدافئة التي تدفعها للخوض في بحور من الانتشاء واللذة , العلاقة بالفعل قد بدأت من قبل الزواج العرفي حينما كان ينهار حصناً في كل لقاء حتي لم يبقي لم يبقي سوي أن تسلم ما تبي من جسدها له.

بالفعل وافقت الفتاة بكل اندفاع وتهور علي قبول فكرة الزواج العرفي وممارسة الحب في أوقات يتم الاتفاق عليها , وبالفعل انتصرت الخطيئة وسقطت أوراق التوت عن جسد الفريسة لشيطانها بكل طواعية , الغريزة هي الحقيقة الوحيدة في ذلك الأمر حيث تزاحم  حولهما الشياطين الأرض تبارك لهما فعل الخطيئة في كل لقاء في بساتين الحب الشيطاني .

لم تعد تذكر شيء سوي تلك اللقاءات التي تروي بداخلها ظمأ الرغبة الجامحة بينهما , كانت تغادر المصنع لتنتظره في سكنه ثم تعود إلي منزلها مرهقة متعبة والأم تدعوا لها بالستر والزوج الصالح كمنحة ربانية نظير ما تبذله من تفاني في العمل بالمصنع , الشيطان بكلماته المعسولة يرغب في المزيد منها , ليس جسدها فقط ولا الخطيئة فقط بل المال أيضاً بحجة تدبير المال المشترك حتي يدبر أحواله للزواج منها, كانت مؤمنة بصدق مشاعره ورغبته الأكيدة في القرب منها دوماً ووعده المقدس لها بالزواج أمام الجميع حتي أنها منحته كل ما تملكه من مدخرات حوالي خمسين ألف جنيهاً 


في يوم مشئوم غابت عنه الشمس علمت بالصدفة أنه تقدم لخطبة فتاة أخري , إنها لحظة قصيرة محتشدة بالانفعالات والاسئلة والأخيلة, كل الأشياء التي تذكرها والتي لا تذكرها انقضت علي جمجمتها بأجنحتها السوداء و مخالبها الحادة وارتفعت حتي لا مست السماء ثم عادت وانقضت من جديد ,لم تصدق هذه الشائعة وسارت مسرعة إلي عش الشيطان تنتظره وقلبها يدمي بحرقة عن أوهام كانت تحلق في أفق أمانيها , الشيطان لم ينكر ذلك الأمر بينما صبغ نظرته القاسية بطابع حائر مجنون , انتحت ركنا واسترسلت في نحيب مكتوم , لم يرق لها قلبه بل هددتها في هدوء بابتسامة خبيثة بأنه قام بتسجيل كل أوقات العلاقات الحميمية التي جرت بينهما وأنه سوف ينشرها تباعاُ عبر الفيس بوك لكل من يعرفها ليشاهد تقاطيعها الأنثوية الطافحة بالإغراء وليسبب لها العار الأبدي والمذلة لها ولأسرتها لتكون وصمة عار علي الجميع بسبب لهثها وراء مشاعر كاذبة جعلتها تتخلي عن كل شيء وتحمل بصمات العار طوال حياتها .

 شعرت بالصدمة ولم تصدق ما يقوله هذا الحبيب الشيطاني والذي سلبها كل شيء حتي أموالها بكل نفس راضية , إنها عاجزة عن فعل أي شيء خوفاً من الفضيحة وضياع مالها الذي منحته إياه , ترغب في الانتقام لكن كيف وهي تشعر أنها عاجزة أن تخبر أحد بمشكلتها وخاصةً أهلها البسطاء الذين لا يملكون سوي شرفهم ولا حيلة لهم بهذا الفاجر والذي يحمل في جوفه حجر... تلك الفتاة تتردد و تسألني وكلماتها ترتعش قائلة .. ماذا تفعل لو كنت مكاني ؟!!

الخطيئة تأتي من فعل صغير نفعله بسذاجة يدفعنا في طريق الشيطان الذي يزين لنا المزيد من الأخطاء التي تتراكم سوياً مثل كرة الثلج لتدفعنا بقوة نحو هاوية لا قاع لها , أسباب كثيرة تُزين للفتيات والفتيان أنهم صاروا ناضجين ويمكنهم تحديد مصيرهم في غياب رقابة الأهل , الخطيئة تبدأ من الاهمال في متابعة الفتاة والفتي , في الماضي لم نكن نسمع عن الزواج العرفي لكن الآن صار جزء من ثقافة الاختلاط في الظلمات وسطحية التعليم واللهث وراء إبراز المفاتن بثياب ضيقة والبعد عن الثقافة والصلاة والخوف من يوم الحساب , جيل يعاني من شرخ ينتشر مثل الورم السرطاني يخلق فجوات يتساقط فيه المزيد من الضحايا لا أمل لهم في الحياة من جديد مازال يحتفظ بداخله بالقيم الشرقية التي لا تسمح بتلطيخ ثوب العفة لبناتهم , علاقات آثمة تلفظ أطفال رضع لا ذنب لهم تجدهم بجوار صناديق القمامة أو المساجد أو أمام المنازل يتجمدون من البرد أو تنهش الكلاب الضالة لا حيلة لهم من مصير محتوم 

لا أدري ماذا أقول لك أيتها الفتاة , المعضلة لا يمكن إصلاحها أو إعادة الزمن للوراء لمنعك من فعل ذلك , الغريب في الأمر أنك تهتمين بكيفية إعادة مالك وليس شرفك ولكن ما استطيع قوله في ذلك الأمر إذا كان لديك ورقة الجواز العرفي لا تكسري ظهر أبيك وتروي له ما حدث فنحن لا نعلم رد الفعل فربما يتهور أحد ويقوم بقتلك أو تكوني السبب في تدمير أسرة كاملة لا ذنب لها , أظن عليك اللجوء إلي رجل حكيم يشهد له الجميع بالقدرة علي حل المشاكل وعودة الحق لأصحابه أو شيخ جليل يصارح أهل هذا الشيطان ربما يكون لديهم قلب ينبض بالخير والعدل , ابحثي عن رجل تأملين فيه خيراً بقدرته في إجبار هذا الشيطان بالزواج منك أمام الجميع ثم يقوم بتطليقك فهذا الشيطان لا يستحق أن تواصلي حياتك معه , أو محاولة إثبات حقك بالتواصل مع الشرطة وجمعيات حقوق المرأة التي ربما تستطيع مساعدتك وتقديم الدعم القانوني لمثل تلك الحالات , حاولي أن يكون اللجوء إلي الأهل آخر المطاف حتي لا يعلم الجميع وتحملي علي كاهلك ثوب العار طوال حياتك .

في حالة عدم وجود شيء يثبت علاقته به فالصمت لابد منه إذا كنتي تخشين من الفضيحة والعار والله المنتقم من كل شيطان يسلب الفتيات شرفهم ويخدعهم باسم الحب ولعل تكون مشكلتك عبرة لكل فتاة أو امرأة تبحث عن الحب بكل صوره عبر مواقع التواصل الشيطانية.
بقلم الكاتب الدكتور
محمد عبدالتواب


 


( الكلمات المفتاحية )

مشاكل أسرية مشاكل اجتماعية الخيانة الزوجية العلاقة الزوجية قصص زوجية مشاكل زوجية محرجة العلاقه الحميمة علاقة زوجية صحيحة قصص واقعية حقيقية حزينة

حقيقة أسطورة الرصد في مقابر مصر القديمة

Post a Comment

Previous Post Next Post