أنثي بداخلها رجل

أنثي بداخلها رجل
أنثي بداخلها رجل

أرسلت لي صديقة تروي لي مشكلتها والتي ربما نجدها نتيجة لكل التطورات والتغيرات التي شهدها مجتمعنا منذ بداية تداول كل شيء عبر وسائل التواصل الاجتماعي والوصول لكل شيء ممنوع سابقاً عبر الكثير من المواقع المجانية والمتاحة للجميع والتي تدفع الكثير منا في تغيير نمط سلوكنا الاجتماعي والنفسي والقيم الاجتماعية أيضاً، لذلك الكثير منا صار لديه الكثير من الأشياء والأفعال والقيم التي يؤمن بها ويفعلها في الخفاء بكل حماسة بل لديه مساحة كافية لتعميق المشكلة نتيجة غياب الاهتمام الأسري ومنح مزيد من الحريات غير سوية والتي تدفع البعض إلى اتخاذ نمط شاذ في حياته وسلوكه حيث يكون مقتنعا داخلياً أن هذا ربما صحيح وطبيعي.

مشكلة تلك الصديقة أنها تشعر أن بداخلها ذكرا أو صفات ذكورية وليست أنثوية في بعض الأحيان وأنها ترغب أن يناديها البعض بصفات ذكورية رغم أنها أنثى ليس لديها مشكلات هرمونية تسبب لها ذلك الإحساس، كذلك ليس لديها رغبة في تقليد الشباب في ثيابهم وأفعالهم، أيضاً ليس هنالك تشوهات في الجهاز التناسلي يسبب لها تغيير في نمطها كأنثى من الناحية الجسدية، بالعكس فهي تجد نفسها مثيرة لبعض الشباب وترغب في التزين وارتداء الثياب الضيقة والمثيرة ومحادثة الشباب آي أنها طبيعية من الناحية النفسية والجسدية فلماذا تأتيها مشاعر الرغبة بأن تكون رجلا أو ذكرا!!

من الوهلة الأولى تظن أن هنالك شيئا يحتاج إلى تفهم رغبتها في تلك المشاعر الشاذة بأن يكون بداخلها رجل بدلاً من أنثى طبيعية وهنا يكمن السر في ذلك التغير الذي يطفو علي السطح أحياناً ويختفي أحياناً مما يدفعنا أن نفكر قليلاً لماذا يحدث ذلك؟!!

فتاة مراهقة علي أعقاب العقد الثالث لديها مساحة من الحرية يدفعها الفضول في معرفة المزيد من تفاصيل العلاقة بين الرجل والمرأة من ناحية ممارسة العلاقات الحميمية، فكثير من الفتيات في تلك المرحلة يكون لديها فائض من المشاعر الجنسية والرغبة في ممارسة الفعل والبحث عن فعل تلك الأشياء واستكشافها والاستمتاع بها نتيجة أن تلك الفترة في حياة الفتيات والفتيان يغلبها المشاعر والرغبات والنزوات مما يدفع الكثير منهم إلى محاولة اكتشاف المجهول والتعمق فيه خاصةً من يعاني في أغراض الرغبة الجنسية ومزاولة العادة السرية.

إن التغير في نمط تلك الفتاة قد تطور إلى ذلك الأمر نتيجة إدمانها علي العادة السرية ثم محاولة البحث عن طرق تجعلها تشعر بمتعة أكثر وأعمق ومشاركة الآخرين في تلك الممارسة دون حدث فعلي وهذا يحدث حينما يكون جُل تفكير المراهق في ذلك الأمر فقط ولا يجد من يقوم بمتابعته وتنظيم أفكاره وذلك من خلال دفعه بممارسة نشاطات متنوعة تستوعب كل تلك الطاقة الداخلية مثل الرياضة والقراءة والأعمال التطوعية والأنشطة الخارجية مما تدفعه في عدم التفكير في تلك الأمور هنا تكمن مشكلة المراهقة حيث يشعر المراهق بتغييرات كثيرة تحدث له نتيجة للتغيرات الهرمونية التي تحدث داخل الجسم مما تجعله ينتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج الجنسي بما تشمله تلك المرحلة من عنفوان جنسي، لذلك علي الآباء أن يتعاملوا معه بحذر وبطريقة جيدة من خلال تهذيب تلك المشاعر الطبيعية الداخلية للمراهق حتى لا يدفعه إلى دائرة الخطر من أن يصير كل اهتمامه حوله فكرة الجنس وممارسته.

تلك الفتاة بالفعل تعاني من الشبق الجنسي الذي دفعها بغريزة التعمق في تلك الأحاسيس بالبحث عن إدراك تلك الأمور بطريقة مختلفة حيث وجدت غايتها من خلال المواقع الإباحية ظناً منها أن كل ما يحدث في تلك الأمور من الأشياء تبدو طبيعية والتي يمكن أن تحدث معها مما دفع خيالها في تخيل نفسها في تلك المواقع والاندماج بتخيلاتها أثناء ممارسة العادة السرية مما دفعها في المزيد من الإثارة وإدمان فعل ذلك الأمر بصفة يومية متكررة.

الكثير من المراهقين يظنون أن ما يحدث في تلك الأفلام الإباحية واقع ويمكن أن يفعلوا مثله في واقع الأمر مما يدفعهم للبحث عن شركاء في هذا الفعل حتى ولو كانت مجرد مشاركة التخيلات سوياً للشعور بلذة فعل ممارسة العلاقات الحميمية مما يدفع البعض ممارسة الأمر مع الكثير ومحاولة مشاركة البعض في تخيل علاقات غير سوية في تلك الأمور مثل السحاق والجنس الجماعي أو ربما ممارسة اللواط الفعلي لتجنب فكرة فقدان العذرية في واقع الأمر.

هذا بالفعل ما حدث مع تلك الفتاة حينما اندمجت مع تلك الأفلام الإباحية وصارت تتخيل نفسها بديلة لتلك البطلة في تلك الأفلام وتشارك بعض المراهقين في المشاركة عبر الجوال أو المكالمات المرئية وغيرها من العلاقات الشاذة مع فتيات يتشاركن معها نفس الاهتمامات الجنسية الشاذة، لذلك نتيجة ذلك الإدمان في مشاهدة الأفلام الإباحية يدفعك دوماً في التفكير في محاولة فعل نفس الأمر في الواقع حتى ولو لم يحدث لكن هنالك رغبة مكبوتة في فعل ذلك الأمر مثل حفلات الجنس الجماعي أو الممارسة جماعية معها أو فعل ذلك مع فتاة أخرى مثلما تري وتشاهد.

تلك الأشياء قد دفعها في تخيل نفسها القائد في ممارسة تلك الممارسات الجنسية الشاذة مع فتيات أخريات كأنها ذكر أو صاحبة الفعل مما دفعها لتخيل بعض صديقاتها في تلك الأوضاع الجنسية وممارسة الشذوذ معهن كأنها رجل وليس فتاة مثلهن وهذا خلق بداخلها فكرة أن تكون ذكرا مما دفعت عقلها الباطني أن يغذي تلك الفكرة والتفاعل معها ومحاولة ممارستها في الواقع.

إذن المشكلة تكمن في مشاعر ناتجة عن إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية والكبت الجنسي الذي ينعكس على سلوكنا ومشاعرنا النفسية تجاه ذلك الأمر وخاصةً في فترة المراهقة مما يترك الكثير من الآثار في مرحلة النضج والزواج حيث يكون الواقع مختلفا تماماً عما كان يظنه، لذلك يكمن حل تلك المشكلة ببساطة في محاولة أن يكون لدينا عزيمة في تغيير تلك الأمور السلبية والسيئة في حياتنا لكي نجعلها أفضل من ذلك، لكن كيف علينا أن نفعل ذلك؟!!

الأمر يتطلب تكاتف الآباء والأبناء سوياً في تلك المرحلة الصعبة وهي مرحلة المراهقة وذلك من خلال المتابعة اللصيقة لسلوك المراهقين والتغيرات التي تنتاب تلك المرحلة والتحدث معهم بطريقة مختلفة والحديث معهم عما يحدث بداخلهم من تغيرات بطريقة علمية صحيحة.

على المراهق أن يدرك أن المراهقة مرحلة سوف تمضي ويحدث تغيرات أخرى كثيرة تجعله أكثر نضوجاً وأن عليه أن يدرك قيمته في الحياة وأننا خلقنا في الحياة لكي نكون مجرد حيوانات جنسية جُل همها ممارسة الجنس بل لنا هدف أسمى وأجمل في الحياة وهي عبادة الله في المقام الأول وهذا من واجبات الوالدين في تنوير طريق المراهق في معرفة الطريق إلى الله وذلك من خلال الحديث عن الدين ومواظبة الصلاة واصطحاب الأبناء إلي المساجد ودروس العلم وحفظ القرآن وهكذا.

علي المراهق وذلك بمساعدة الوالدين إدراك أن قيمته في الحياة تتحقق من خلال أهدافه في الحياة ومشاركته في أنشطة مجتمعية تبرز فيه قيم مختلفة وتجعل جُل تفكيره بعيد كل البعد عن تلك الممارسات الجنسية الشاذة وذلك من خلال القراءة وممارسة أنشطة ثقافية واكتشاف مواهبه ومحاولة تطويرها وممارسة الرياضة والأنشطة التطوعية وهذا لن يحدث دون مشاركة الوالدين هذا الأمر بفكر ناضج وممارسات سليمة نفسية ودينياً.

ما حدثت تلك الفتاة مجرد جرس إنذار لنا جميعاً بأن نقوم بحماية المراهقين من فخ المواقع الإباحية التي تهد قيم مجتمعاتنا ونشاهد البعض بجرأة التحدث بها علانية وأنها من مبادئ التحضر والتقدم، لذلك علينا أن نعتصم بديننا لحماية أطفالنا حتى لا نندم علي وقوع أبنائنا في الخطيئة جراء إهمالنا نحن الآباء.
بقلم الكاتب الدكتور
محمد عبدالتواب 

Post a Comment

Previous Post Next Post